ما هو الفرق بين المعجزة والسحر؟

س1: تُطرح في بعض الأحيان مسألة التفرقة بين المعجزة والسحر، فيقولون: نحن لا نريد الفرق الحقيقي في نفس الأمر والواقع فهذا واضح، ولكن كيف يُفرق الناظر لهما خارجاً؟ لا سيما بعد أن بحث العلماء من الفريقين بحوثاً طويلة الذيل واختلفوا في بعض الجزئيات التي تُربك الأمر على الباحث، فهل يمكنكم التفضّل بتبيان الجواب؟

ج1: قناعتي بأن الفرق الفارق بينهما هو إمكان الإتيان بالسحر ، مهما كانت دقته ، وعدم إمكان الإتيان بالمعجزة ، وهذا ما دعا سحرة فرعون للتسليم للنبي موسى عليه السلام .


السؤال الثاني

س2: أفهم من كلامكم أنه مهما بلغ السحر من القوة فإنه من الممكن أن يُعارض أو يبطل؟

ج2: نعم ، هو كذلك ، وشاهده التسليم الفوري لسحرة فرعون للنبي موسى عليه السلام ، حيث أنهم علموا أن ما جاء به لا يمكنهم المجيء بمثله ، رغم كونهم سحرة العصر ، مما ألزمهم الحجة فوراً .


السؤال الثالث

س3: قال بعضهم: بما أن المعجزة جُعلت دليلاً عقلياً على نبوة الأنبياء، فقد يرد اللبس أحياناً بينها وبين السحر من ناحية التفريق الخارجي، وإن كانا في الواقع مختلفين لكن الظاهر اتحادهما وتشابههما في الخرق للعادة.

لا يقال: علامة الساحر انهماكه في المعاصي والموبقات، أما صاحب المعجزة فهو على مرتبة عليا من التقوى والورع.

لأنا نقول: كون الثاني ورعاً هو أول الكلام، إذ من الممكن إظهاره ما خالف باطنه ومعدنه السيئ، ومن المفروض أن المعجزة هي التي تبين كونه صادقاً – من طريق عقلي – لأن الباري عز وجل لا يجريها على يد كاذب، ولكن مع عدم التفريق لا يظهر الفرق بين المحق والمبطل. وعلى أي حال فهذا الفرق ليس مطرداً عقلاً ولا عرفاً وإن كان يحصل خارجاً بنحوٍ ما، في الجملة.

لا يقال: إن السحر يحتاج الى تعلم، بينما المعجزة عطاء إلهي.

لأنا نقول: سلمنا أن المعجزة كذلك، إلا أن الغموض باقٍ كما هو، إذ ربما يكون قد تعلم ذلك وأتى به.

لا يقال: إن قابليات المعجزة أوسع بكثير من السحر المحدود.

لأنا نقول: هو ادعاء ليس له دليل عقلي ولا عرفي، وكل من فرّقوا بهذا التفريق جاءوا بادعاءات محضة، كأن يقولوا مثلاً: (إن تحويل التراب إلى ذهب مستحيل)، ثم نأتي لنجد أحد المشايخ (ره) في بعض البلدان الإسلامية كان لديه قدرة على تحويل التراب إلى ذهب، وفعلاً حوله، من خلال كتب مختصة بذلك.. ثم أحرقها قبل أن يتوفى.

إذن: فالردود لم تكن لمانع عقلي، وإنما تصورات بحتة، فنرجو تبيين الفرق بدليل عقلي قطعي.

ج3: السحر ككل صنعة يمكن تعلمه ، بينما المعجزة لا يمكن الوصول إليها بالتعلم . وعلى ذلك ، فإنّ الساحر مهما كان سحره لو تحدى الآخرين فإنّه يمكن لبعضهم أن يأتي بمثله ، إذ الفرض أن السحر صنعة مشتركة يمكن تعلمها ، بينما صاحب المعجزة إذا تحدى لم يمكن لأحدٍ أن يأتي بمثله ، لأنّ الإعجاز ليس صنعة قابلة للتعلم .


السؤال الرابع

س4: فلو قيل بأن ليس مستحيلاً وجود ساحر قوي جداً لم يمكن معارضته من أهل ذلك الزمان أو المكان؟

ج4: جيد ، نقبل ذلك ، ولكن بما أن السحر صنعة فإن السحرة – على طبق أصول الصنعة وقواعدها – يعلمون بأنّ المأتي به سحر أم لا ، وهذا نظير عباقرة العلم مثلاً ، فإنهم يأتون بما يعجز عنه غيرهم ، ولكن بما أنّ العلم الذي جاؤوا به على وفق قواعد وأصول معرفة ، فإن العارفين بهذه الأصول لا يرون ما جاؤوا به إعجازاً ، وإن كانوا غير قادرين على مجاراته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *