لماذا لا نقلد العلماء المتقدمين؟

س: لماذا يجب تقليد الأعلم الحي بينما لو رجعنا للمشايخ الثلاثة لكان فهمنا لمراد الأئمة عليهم السلام أفضل ؛ ففهم العلماء الثلاثة لن يكون أقل من فهم علمائنا المعاصرين كون عصورهم قريبة جدا من عصر الأئمة عليهم السلام والمشايخ الثلاثة نقلوا الروايات التي توافق ما يفتون به وكذلك نقلوا ما يعمل به عامة الشيعة من نهاية عصر القرن الثالث [ وربما قبل هذه الفترة ] وحتى ما بعد عصر النصف الثاني من القرن الخامس الهجري .

فهل فهم علماء ما بعد ألف ومائة عام من الغيبة الكبرى سيكون أفضل من فهم علماء كانوا متواجدين في عصر الغيبة الصغرى وبعيدها ؟

الجواب

ج: يمكن الجواب عن ذلك ببيان أمور :

أ – إنَّ فهم المتقدمين من علمائنا الأعلام ( رضي الله عنهم ) ليس فهماً حسيّاً تلقوه عن المعصوم ( عليه السلام ) ، بل هو فهم حدسي اجتهادي ، ولذا اختلفت أنظارهم وآراؤهم الشريفة ، ولو كانت متلقاة من المعصوم ( عليه السلام ) لم تختلف .

وإذا كان الأمر كذلك ، فلا مرجّح لفهمهم على فهم المتأخرين ؛ إذ الجميع يشترك في كون فهمه اجتهادياً حدسياً قابلاً للخطأ والصواب .

ب – إنّ علماءنا المتأخرين لم يغفلوا في عملهم الاجتهادي أنظار المتقدمين ؛ إذ لعلهم قد اطلعوا على بعض القرائن الدخيلة في دلالة الدليل ولكنها لم تصلنا ، ولذا فإنّ قسماً من علمائنا يعوّل على المشهور بين المتقدمين ، وبعضهم يتورع عن الفتوى ويلجأ إلى الاحتياط في موارد الشهرات والإجماعات ، وهكذا .

مما يعني أنّ عملية الاجتهاد لدى المتأخرين لا تتقاطع مع اجتهاد المتقدمين ، بل هي في إثرها ومكملة ومطورة لها .

ج – إنّ المتأخرين في بعض الموارد – نتيجة التراكم العلمي والمعرفي – قد اطلعوا على بعض القرائن المهمة التي كانت مبعثرة ومتناثرة في زمن المتقدمين ، ولعلّ بعضهم بسبب ذلك لم يطّلع عليها .

د – إنّ المستفاد من أدلة التقليد هو لزوم تقليد الحي ؛ إذ أنّ موضوع أدلة إمضاء السيرة العقلائية هو خصوص الحي ، فيلزم على ذلك الرجوع للمتأخرين دون المتقدمين .

والمتحصل من مجموع ذلك : أنّ تقليد المراجع المعاصرين ( دامت بركاتهم ) مما لا محيص عنه ، وقد عرفت الوجه فيه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *