سؤال حول النظام الأسري في الإسلام

س: يستنكر البعض عدم وجوب التوثيق وضرورة الشهود في النكاح، وكذا جواز العقد مع جهل كلا الطرفين بمعلومات بعضهم البعض كالاسم مثلاً، مع أن الإسلام يفترض فيه أنه نظام متكامل متين قوي، فكيف توجد مثل هذه الثغرات الواضحة في نظامه الأسري؟

الجواب

ج: أتصور أننا حينما نريد أن نصف نظاماً تشريعياً أو قانونياً بالتكامل أو النقص فإنّ علينا أن نقرأ جميع بنوده التشريعية كوحدة مجموعية متكاملة ، بعيداً عن القراءة الأحادية المجتزأة .

وعلى ذلك ، فإنّ الإشهاد على العقد وإن لم يكن بنداً إلزامياً في منظومة التشريع ، إلا أنه يبقى واحداً من بنودها التي لا ينبغي تجاهلها ، وقد ندب إليه الشارع المقدس وحثّ أتباعه على تطبيقه ، كما أنّ بنداً آخر من بنود النظام هو استحباب الإشهار وعدم السرية ، وبنداً ثالثاً هو استحباب الوليمة في العرس ودعوة الناس إليها ، وكل هذه البنود تصب في خندق واحد ، وهو توثيق عقد الزوجية بأعلى مستويات التوثيق الجمعي وبأساليب انسيابية مختلفة ، ولا أظن أنّ من الموضوعية في النقد تجاهل كل هذه البنود تمسكاً بعدم لزوم الإشهاد على العقد .

هذا من ناحيةٍ ، ومن ناحيةٍ أخرى فإننا في الوقت الذي نرى فيه الشارع لم يلزم بالإشهاد على عقد الزوجية – وإن ندب إليه وحثّ عليه – إلا أنه في الوقت نفسه قد ألزم به عند إنهاء حياة هذا العقد وإجراء الطلاق ، وحين نقرأ هذين الحكمين قراءة متقابلة قد نفهم من ذلك أنّ الشارع قد يسّرَ عملية البناء الزوجي لمحبوبيتها لديه ، فلم يُلزم بشهادة العدلين عليها ، ولكنه شدّد الأمر في مسألة إنهاء هذه العلاقة ، لمبغوضية ذلك عنده ، فألزم بشهادة العدلين .

وفي نفس هذا السياق نفهم جانباً من جوانب فلسفة عدم لزوم ذكر الاسم في العقد ، على أنّ عدم لزوم ذكره لا يعني صحة العقد مع مجهولية أحد الطرفين ، فإنّها منوطة بتعيين طرفي العقد ، غاية ما هنالك أنّ التعيين له محققات كثيرة ، فقد يتحقق بذكر الصفة ، وقد يتحقق بالإشارة المفهمة ، وقد يتحقق بذكر الاسم ، وما دام يتحقق بالاسم وبغيره ، فلا ملزم لذكر الاسم بخصوصه ما دام التعيين حاصلاً بغيره ، ومع حصول التعيين يندفع محذور جهالة الطرفين أو أحدهما .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *