السيد الضياء ينعى العلامة الشيخ مهدي المصلي

بسم الله الرحمن الرحيم

قال رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله): (ما قبض الله عالمًا إلا كان ثغرة في الإسلام لا تُسَدُّ).

مع أفول شمس هذا اليوم أفلت شمسٌ من شموس العلم والإيمان في بلادنا الحبيبة، وغادر هذه الدنيا الفانية – راضيًا مرضيًا، وهاديًا مهديًا – سماحة العلامة الحجة الشيخ مهدي المصلي (أعلى الله درجته).

وبرحيله فقدت القطيف علمًا من أعلامها، وأستاذًا من أساتذتها، وعالمًا من علمائها، وإنها لخسارة وأيُّ خسارة.

فلقد كان هذا الشيخ الجليل أنموذجًا لطالب العلم الحقيقي، حيث أفنى عمره المبارك في الاشتغال والتحصيل من غير كلل أو ملل، متنقلًا بين الحواضر العلمية، ومستفيدًا من أعاظم أساتذتها، وكلما اعترضت طريق تحصيله عقبة كؤود تجاوزها صابرًا محتسبًا، حتى أصبح من العلماء الأجلاء، وشهد له غيرُ واحد من أساتذته العظام بالفقاهة والاجتهاد.

وإلى جانب ذلك فقد اهتمّ بتدريس الطلبة والمشتغلين في كل الحواضر التي تنقل فيها، حتى تخرج على يديه العشرات من الفضلاء والمحصلّين، إلى انتهى به المطاف للاستقرار في المدينة المنورة، وبذل جهده على مدى سنواتٍ طوال في تنشيط الحركة العلمية فيها، وكان أمله أن يراها مركزًا من مراكز العلم، ومقصدًا لطلّاب المعرفة، كما كانت في عصور الأئمة الطاهرين (عليهم السلام).

ولم يكن هذا الشيخ الجليل عالمًا فذًّا فحسب، بل كان أيضًا أنموذجًا رائعًا لتهذيب النفس، وقدوة حسنة في الأخلاق، متزينًا بالفضائل، بعيدًا عن الرذائل، مما جعل منه عالمًا ربانيًّا وأستاذًا مربيًا.

وإلى جانب جميع هذه المآثر فقد كان الشيخ الراحل مدافعًا صلبًا عن حريم الولاية، فله يد طولى في المناظرة مع خصوم مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، وردّ شبهات المشككين، وصدّ هجمات الضالين، كما كان صاحب قلم ثرّ معطاء، أفاض به الكثير من النتاج في العقائد والفقه والأصول والرجال، مضافًا إلى ما كان عليه من البراعة والجمال في الشعر والأدب.

ولذا فإنّ رحيل مثل هذا العالم الجليل يعدُّ خسارة مؤسفة للغاية، وإنّا لنسأل الله تعالى أن يجبرها لنا بسلامة إمام زماننا (عجّل الله فرجه الشريف)، وبهذه المناسبة الألمية أرفع عزائي للحوزة العلمية المباركة، وتلامذته الفضلاء، وأسرته الكريمة، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

ضياء السيد عدنان الخباز
ليلة الأحد ٢٩ ربيع الأول ١٤٤٥هـ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *