الضياء ينعى كسوف الشمس

إنا لله وإنا إليه راجعون

قال إمامنا الصادق ( عليه السلام ) : ( إِذَا مَاتَ الْمُؤْمِنُ الْفَقِيهُ ثُلِمَ فِي الاسْلامِ ثُلْمَةٌ لا يَسُدُّهَا شَيْ‏ءٌ ) .

تلقيت قبل قليل خبر رحيل أستاذي الجليل ، سماحة آية الله المعظم ، الفقيه الأصولي ، السيد حسين الشمس الخراساني ( قدس سره الشريف ) ، وبهذا المصاب الجلل أرفع عزائي إلى مقام إمام العصر والزمان ( أرواحنا له الفداء ) والحوزة العلمية الشريفة وجميع تلامذته وطلابه وأولاده ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

من نصائحه وتوجيهاته التربوية

لقد كان الأستاذ الراحل ، سماحة آية الله المحقق ، السيد حسين الشمس ( أعلى الله درجته ) عالماً ربانياً ، فلم يكن يكتفي في تدريسه ببيان المطالب العلمية ، بل كان إلى جانب ذلك يهتم كثيراً بالنصح والتوجيه ، وقد طلب مني بعض الأعزة أن أدوّن له شيئاً منها ، فدونت له في هذه العجالة بعض ما أحتفظ به ، راجياً أن أوفق لتدوين البقية ، لعلّها تكون نبراساً لطلبة العلوم الدينية وغيرهم .

  • أخبرني السيد الأستاذ الميلاني ( قده ) قال : سمعتُ أستاذي المحقق النائيني ( قده ) يقول : إن صلاة الليل إن لم تكن شرطاً للاجتهاد ، فإنها دخيلة فيه قطعاً .
    .
  • إنَّ أموال الناس عندهم هي أعزُّ ممتلكاتهم ، فمَن أغمضَ عينه عنها ، ولم يمدّ يده إليهم ، صارَ وجيهاً عندهم .
    .
  • إنَّ كثيراً مِنَّا يحترمُ الطفل المميّز أكثر من احترامهِ لربهِ ( تعالى شأنه ) ؛ إذ أنه يتورعُ عن الإقدام على بعض الأفعال غير اللائقة إذا كان هنالك طفلٌ مميّزُ ينظر إليه ، بينما لا يتورع عنها بين يدي الله تعالى .
    .
  • الداعونَ أصناف ، وأسوأهم صنفان : صنفٌ يُقدِّمُ الأسبابَ على مُسبِبها ، فلا يدعو الله تعالى إلا إذا يئس من الأسباب ، وصِنفٌ يدعو الله تعالى على نحو الاختبار ، فهو يدعوه ليرى أنه سيستجيب له أم لا ؟
    .
  • إنَّ محاولة الإنسان لتهذيب نفسه كمالٌ لا يتصف به إلا القليل من الناس ، وأما تهذيب النفس فهو غاية الكمال التي لا يبلغها إلا الأوحدي .
    .
  • إنَّ الإنسان لا يمكن أن يصل إلى الكمال إلا بثلاثة أجنحة : جناح الاعتقاد ، وجناح الأخلاق ، وجناح العمل ، فمن لم يَكْمُل اعتقاده بالمبدأ والمعاد ، لم يكن له ما يبعثه نحو تهذيب النفس من الرذائل وتزيينها بالفضائل ، ومَن لم تكن نفسه مزينةً بالفضائل ومعراةً عن الرذائل لم يمتنع عن فعل معصيةٍ أو ترك واجب .
    .
  • إنَّ الأمراض الروحية والأخلاقية أشدُّ ضرراً على الإنسان من الأمراض الجسدية ؛ إذ أنَّ هذه – مهما كانت – تنتهي بانتهاء حياة الإنسان ، بينما تلك ترافقه في حياته البرزخية ، وتواصل ملازمتها له في عالم القيامة .
    .
  • إنَّ تهذيب النفس هو منتهى الكمال ، وأشق وأفضل الأعمال ، ونظراً لجلالتهِ وعظمته فإنَّ القرآن الكريم في سورة الشمس بعد أن أقسمَ بتسعة أقسام عظيمة ، عقّب على ذلك بقوله : { قد أفلحَ مَن زكَّاها ، وقد خابَ مَن دَسّاها } .

أقول : وإنّ هذه التوجيهات التي كان يتفضل بها سيدي الأستاذ لم تكن محض نصائح نظرية ، بل كانت شأناً عملياً قد جسّده في حياته الحافلة بالعلم والعمل ، وكم هي الخسارة كبيرة وفادحة برحيل أمثاله من العلماء الربانيين .

وليس بيدنا إلا الرضا والتسليم لقضاء الله تعالى وأمره ، ولا نقول إلا : إنّا لله وإنا إليه راجعون .

أقل تلامذته ، المفجوع برحيله

ضياء السيد عدنان الخباز القطيفي

الخميس ٢٩ / ٤ / ١٤٤١ هـ

تعليق واحد على “الضياء ينعى كسوف الشمس”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *