ألا يلزم من تعدد الصفات الإلهية تعدد الآلهة؟

س: لدي سؤال حول رواية قلتها سيدنا عن الصادق ع في الليلة السادسة [حقيقة الأسماء الحسنى وأقسامها] حينما كنت في صدد التفريق بين الأسماء والصفات الإلهية، وقد قلتم في مقام الجواب أن الفارق الأول هو من حيث السنخ الوجودي، فالصفات هي عين الذات.
والسؤال هو: لما قال الصادق ع (لو كان الاسم عين المسمى لكان كل اسم منها إلهًا) فلقائل أن يقول أنه كذلك لو كانت الصفة هي عين الموصوف لكانت كل صفة إلهًا، ولا شك ولا ريب أن لله صفات عديدة فيلزم أن تكون هناك آلهة متعددة لتعدد الصفات باعتبار أن الصفات هي عين الذات، فما قولكم؟

الجواب

فلنتيمّن أولاً بذكر الرواية الشريفة ، وهي :

عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله  عن أسماء الله واشتقاقها: الله  مم هو مشتق؟ قال: فقال لي: يا هشام الله مشتق من إله والإله يقتضي مألوهاً والاسم غير المسمى، فمن عبد الاسم دون المعنى فقد كفر ولم يعبد شيئاً، ومن عبد الاسم والمعنى فقد كفر وعبد اثنين، ومن عبد المعنى دون الاسم فذاك التوحيد، أفهمت يا هشام؟ قال: فقلتُ: زدني. قال: إن لله تسعة وتسعين اسماً فلو كان الاسم هو المسمى لكان كل اسم منها إلهاً، ولكن الله معنى يُدل عليه بهذه الأسماء وكلها غيره. يا هشام، الخبز اسم للمأكول، والماء اسم للمشروب، والثوب اسم للملبوس، والنار اسم للمحرق. أفهمت يا هشام فهماً تدفع به وتناضل به أعداءنا والمتخذين مع الله عز وجل غيره؟ قلت: نعم. قال: فقال: نفعك الله به وثبّتك يا هشام. قال هشام: فوالله ما قهرني أحد في التوحيد حتى قمت مقامي هذا.

وبعد التيمن نقول : من أول الرواية يُعلم أنّ أسماء الله تعالى لفظية ، ولذا وقع السؤال حول اشتقاقها ، بما في ذلك اسم الجلالة .

والإمام عليه السلام لم ينكر على هشام عده لها من الأسماء ، بل أمضاه وبيّن له وجه اشتقاقها ، ثم بين له مغايرتها للمسمى ، وأقام له البرهان على ذلك بما ذكرناه في المحاضرة ؛ إذ لو كان كل اسم من الأسماء اللفظية هو نفس المسمى – رغم اختلافها – لكان كل اسم منها إلهاً .

ولو كانت الأسماء هي نفس المسمى ، والأسماء اللفظية أسماء الأسماء ، لأوضح له الإمام عليه السلام ذلك ، وهل أحرى من هشام بهذا الإيضاح ؟!

ومن ذلك يتبين عدم صحة النقض بالصفات التي هي عين الذات ، لكونها ليست من الألفاظ .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *