هل مقام الصديقية يستلزم مقام الشهادة؟

س: ذكرتم في بعض المحاضرات أن هناك ملازمةً بين مقام الصديقية ومقام الشهادة على الأعمال.

  1. فمن كان شاهدًا على الأعمال فهو صدّيقٌ بالضرورة؛ لأنَّ الصديقية – التي حقيقتها العصمة – من مقوّمات الشهادة.
  2. ومن كان صدّيقًا فهو مؤهلٌ – كما عبّرتم – للشهادة على الأعمال.

وتعبيركم بالأهلية دقيق، ولكن ألا يعني ذلك أن الملازمة بين المقامين طرفية لا طرفينية، فكل شاهد على الأعمال صدّيق، وليس كل صدّيق شاهدًا بالضرورة؟ وإذا كانت غاية ما يثبته مقام الصديقية هي الأهلية للشهادة، لا ثبوتها واقعًا، فكيف نستفيد من قول الرواية: “إنّ فاطمة صدّيقة” ثبوت المقامين معًا؟


الجواب

ج: مقام الصديقية، ومقام العصمة، ومقام العلم، ومقام الشهادة، مقاماتٌ متلازمةٌ لا تنفك عن بعضها.

ويمكن تقريب الملازمة في المقام بأن يقال: إنّ منشأ مقام الصديقية هو نفسه منشأ مقام الشهادة، فإذا ثبت الأول دلّ على ثبوت منشأه فثبت الثاني أيضاً بالضرورة، وكذا العكس.

وبيانه: إنّ مقام الصديقية متفرع عن مقام العلم والعصمة – كما تمّ إيضاحه في حينه – وهذا المنشأ هو نفسه منشأ مقام الشهادة؛ إذ أنّ الشهيد بمقتضى علمه وعصمته قد انكشفت له الحقائق واطلع عليها، فتتحقق له رتبة (تحمّل الشهادة)، وكلُّ مَن كانت له هذه الرتبة في هذه النشأة كانت له رتبة (أداء الشهادة) في النشأة الأخروية، بمقتضى قوله تعالى: {وَقُلِ ٱعۡمَلُوا۟ فَسَیَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمۡ وَرَسُولُهُۥ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَـٰلِمِ ٱلۡغَیۡبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ}، وقوله: {قُلۡ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِیدَۢا بَیۡنِی وَبَیۡنَكُمۡ وَمَنۡ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلۡكِتَـٰبِ}، وقوله: {وَقَالُوا۟ لِجُلُودِهِمۡ لِمَ شَهِدتُّمۡ عَلَیۡنَاۖ قَالُوۤا۟ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِیۤ أَنطَقَ كُلَّ شَیۡءࣲۚ}، وقد اكتفيتُ بالإشارة معتمداً على نباهتك.

وإن أبيتَ عن ذلك، أو أردتَ دليلاً مباشراً فدونك لإثبات الملازمة قوله تعالى: {وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦۤ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلصِّدِّیقُونَۖ وَٱلشُّهَدَاۤءُ عِندَ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ وَنُورُهُمۡۖ}.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *