سؤال حول حديث من أحاديث زيارة الحسين (ع)

س : لاحظت رواية شريفة مضمونها او نصها: ( من زار الحسين في عرفة كان كمن حج مع القائم الف الف حجة، واعتمر مع رسول الله الف الف عمرة .. الخ ) ، وأظنها صحيحة الإسناد ولست متأكدا ن ذلك لاني لم الاحظ السند بدقة، ولكن لا اظن أن مثلها يحتاج الى تصحيح سند! والسؤال أعرضه بين يديكم بعد تقديم مقدمتين:

الاولى: من المعلوم أن العمرة أقلّ فضلاً من الحج.

الثانية: لا إشكال أن رسول الله أفضل من حفيده المنتظر ع.

والسؤال: لماذا لم يُجعل الأفضل مع الأفضل في الرواية الشريفة؟  فما السر في ذلك؟

الجواب

ج : باسمه تعالى أبدأ ، وبمدد أوليائه ع أستعين ، يؤسفني أنه لم يسعفني الوقت لملاحظة سند الرواية ، وأما دلالتها فهي تحتمل وجوهاً ، أكتفي ببيان ثلاثة منها :

الأول : أنها بصدد بيان أن زيارة سيد الشهداء الحسين عليه السلام سبب لتحقيق عدة من الملاكات والمصالح الواقعية ، فذكرت الحج مع الإمام ( عليه السلام ) على حدة ، لأنَّ له ملاكاُ واقعيا لا يتحقق إلا به ، وذكرت العمرة مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) على حدة ، لأنَّ لها ملاكا استقلاليا لا يتحقق إلا بها ، والحاصل فإنَّ الرواية ليست بصدد بيان تفاوت مراتب الثواب ، وإنما هي بصدد بيان أنواعه المختلفة والمتعددة تبعا لتعدد الملاكات الواقعية .

الثاني : أن تكون الرواية بصدد الحديث عن ثواب واحد ، غير أن الطرق لتحصيله متعددة ، فالعمرة مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) طريق لتحصيله ، والحج مع الإمام ( عجل الله فرجه ) طريق آخر ، وهذا ما يقتضي ضم أفضل الذاتين للأقل فضلاً من العملين ، والعكس ، ليحصل التكافؤ .

الثالث : أن يدعى أن أخذ الرواية لعنواني النبي والقائم ليس على نحو الموضوعية ، بل من باب العنوان المشير للحجة ، سواء كان نبيا أم إماما ، مع إرادة المعية المعنوية المطابقية ، وكأن الرواية تقول : من زار الحسين عليه السلام فله ثواب من حج ألف ألف حجة مطابقة للواقع مطابقةَ مَن طابقت حجته حجة المعصوم التي لا تخطئ الواقع ، وله ثواب ألف ألف عمرة مطابقة للواقع مطابقةَ مَن طابقت عمرته عمرة المعصوم التي لا تتجاوز الواقع قيد أنملة .

ولا يقال : فلم ذكر النبي مع العمرة ، والحجة مع الحج ، مع أنه لا موضوعية لهما بحسب الفرض .

فإنه يقال : لقد ذكر القائم مع الحج ، لأن عنوان الحج أشد اقترانا به ، لكونه يحضر الموقف كل عام ، كما هو مفاد العديد من الروايات ، بينما ذكر النبي ص مع العمرة ، لأنه أشد اقترانا بها ، باعتباره لم يحج حجة ظاهرة إلا حجة الوداع ، ولكنه اعتمر كثيرا .

والمتحصل : فالرواية إما هي بصدد بيان كثرة الملاكات والمصالح الواقعية في زيارة الثواب ، وإما هي بصدد بيان ثواب واحد من حيث الكم ، ولكنه يتكرر تبعا لتعدد طرقه ، وإما هي بصدد الحديث عن الثواب من حيث الكيف ، وأنه ليس ثوابا كثيرا فقط ، بل يتميز بكونه كثواب الأعمال المطابقة للواقع .

وكل هذه الوجوه إنما هي مجرد احتمالات ، وأما المراد الجدي للمعصوم ( عليه السلام ) فلا يعلمه إلا هو وخالقه ، والحمد لله رب العالمين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *