ما معنى الإهانة والإكرام في هذه الخطبة العلوية؟

س: ورد في خطبة لمولانا أمير المؤمنين عليه السلام ما يلي:

وَلَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله مَا يَدُلُّكُ عَلَى مَسَاوِئِ الدُّنْيَا وَعُيُوبِهَا، إِذْ جَاعَ فِيهَا مَعَ خَاصَّتِهِ، وَزُوِيَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ، فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ أَكْرَمَ اللَّهُ مُحَمَّداً بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَهُ، فَإِنْ قَالَ أَهَانَهُ فَقَدْ كَذَبَ وَاللَّهِ الْعَظِيمِ بِالْإِفْكِ الْعَظِيمِ، وَإِنْ قَالَ أَكْرَمَهُ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ وَزَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ.

ما وجه الإكرام والإهانة هنا؟ وكيف أهان غيره ببسط الدنيا له؟ وهل يعتبر الفقر والجوع من مناقبه (صلى الله عليه وآله) فتكون سنة جارية على الأخيار المتصلين بالله تعالى؟

الجواب

ج: هذا استدلالٌ منه (عليه السلام) على خطأ معيارية إقبال الدنيا وإدبارها على كرامة الشخص وعدمها، وبيانه: أن الدنيا قد بسطت لغيره (صلى الله عليه وآله) وزويت عنه، فلو كان مقياس الكرامة هو البسط للزم من ذلك أن يكون غيره أكرم منه عند الله تعالى، وهو باطل، وهذا دال بالملازمة على بطلان متلوه، وهو كون إقبال الدنيا وبسطها دليل الكرامة. ولم يكتف الإمام ببطلان المعيارية المذكورة، بل حل الإشكالية بإرجاع ذلك إلى مساوئ الدنيا وعيوبها.

وأما الفقر فليس منقبة ولا مثلبة، ولم يكن النبي (صلى الله عليه وآله) فقيراً بالمعنى الدقيق للفقر، وكذلك الجوع أيضاً، اللهم إلا إذا كانا اختيارين، وقد تحققا بداعي التجرد عن الدنيا والزهد فيها. وأما لو لم يكونا اختياريين، فقد يكونا بلاءً، وقد يكونا ابتلاءً، والأول لا حسن فيه بخلاف الثاني.

تعليقان (2) على “ما معنى الإهانة والإكرام في هذه الخطبة العلوية؟”

  1. أحسنتم سماحة السيد الفاضل..
    لكن يبقى الغموض -الذي هو مركز سؤال السائل- في الحكم بالإهانة على من بسطت له الدنيا بقوله عليه السلام: فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ الدُّنْيَا لَهُ وَزَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ النَّاسِ مِنْهُ؛ حيث إن المفهوم منه أن كل من بسطت له الدنيا فقد أهانه الله تعالى حيث بسطها له وزواها عن أقرب الناس منه.

    1. لقد بيّن سماحة السيد في جوابه أن الإمام عليه السلام في هذه الخطبة الشريفة كان بصدد تزييف معيارية إقبال الدنيا وإدبارها في إثبات الكرامة وعدمها، فلا إقبال الدنيا على شخص يدل كرامته عند الله تعالى، ولا إدبارها عن شخص يدل على إهانة الله تعالى له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *