س: حمل بعض الإخوة الأعزاء حملة شعواء على أبيات شعرية تليت في ذكرى مولد أمير المؤمنين (ع) كونها برأيهم تنافي التوحيد وتجعل من قضية التمسك بالعترة أهم من طاعة الله. وهي:
أبا حسنٍ واليــــتك اليومَ راضياً = بما أنت فيه ليس لي عـــــنك معزلُ
فـــلو أنَّ ربِّي في القـــيامة ِ قال لي = دَعِ المُرتضى أو تدخل النارَ أَدخُلُ
ونادوا أن يتم منع تلاوة الأبيات الشعرية التي نتلوها نحن في كل ذكرى ولادة المعصومين وهي:
أبا حسن لو كان حبك مدخلي = جهنم لكان الفوز عندي جحيمها
وطلب مني أحد المؤمنين وجهة نظري في الموضوع لذلك لجأت إليكم أسألكم: هل تجدون في الأبيات الأولى تحديدا ما يناقض التوحيد؟
حقيقة كنت أنوي أن أقول للرجل بأني لا أرى في الأبيات ما يدعو إلى تفضيل الولاية على طاعة الله… فلقد علق الشاعر الفرض بلو والغرض من الفرض المحال الذي فرضه هو بيان عظمة التمسك بالولاية. يشبه هذا قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَٰنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ)، فالآية فرضت فرضا محالا وهو أن يكون لله ولدا وعلقته بإن لأجل بيان طبيعة هوية المصطفى (ص) المندكة في العبودية فلو كان لله ولد لعبده النبي قبل غيره (وفق بعض التفاسير)… ما تقولون سيدنا؟ أرشدوني إلى الرأي الصحيح.
الجواب
ج: لقد أحسنتم وأجدتم فيما تنوون قوله ، ولست أزيد عليه إلا ببيان نكتته فقط ، حيث اتفق النحاة وعلماء العربية قاطبة على أن ( لو ) حرف امتناع لامتناع ، واختلفوا في توجيه هذه العبارة ، فبعضهم فسرها بامتناع الأول لامتناع الثاني ، وبعضهم فسرها بعكس ذلك ، كما هو المشهور بينهم .
وعلى كلا التقديرين يتضح أن نفس استخدام الشاعرين لحرف ( لو ) في شعريهما يدل على أنهما بصدد افتراض أمر ممتنع الوقوع ، ونكتة هذا الافتراض هي بيان أن الاعتقاد بالولاية قد بلغ أعلى مراتب اليقين ، بتقريب : أنها لكونها الحق الذي لا مرية فيه ؛ لذا فإنها وإن استلزمت الدخول إلى النار فإن الشاعر لن يتنازل عنها ، لأنه لا يشك في كونها الحق الذي يجب اتباعه ، وهذه نكتة شريفة وسامية جداً .
هذا مضافاً إلى أن الشعر الأول ليس ظاهراً في التخيير بين الطاعة والولاية ، وإنما هو تخيير بين تركها والخلاص من النار وبين التمسك بها والدخول إلى النار ، فلا يمس توحيد الطاعة بأية شائبة .