يداً بيدٍ ضدّ حركة الوضع المعاصرة

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين .

قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ” إنّا أهل بيت صادقون ، لا نخلو من كذاب يكذب علينا ، ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس “ .

من جملة الظواهر التي لمستها في عالم ( الواتس أب ) : ظاهرة تناقل الروايات المنسوبة لأهل البيت ( عليهم آلاف التحية والثناء ) – سيما مولانا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) – وهي ظاهرة حسنة وجميلة جداً ، فعوضاً عن تناقل النكات الماجنة والمقاطع الترفية الموجبة لتلف الأوقات الثمينة ، فإنّ من الجميل جداً أن يسعى المؤمن لنشر كلمات السادة المعصومين ( عليهم السلام ) وإيصالها إلى الآخرين .

وهو أمر شجعت عليه تعاليمهم الشريفة واعتبرته من مصاديق إحياء أمرهم ، فقد ورد عن عبد السلام الهروي قال : سمعت الإمام الرضا ( عليه السلام ) يقول : ” رحم الله عبداً أحيا أمرنا ” ، فقلت له : وكيف يحيي أمركم ؟ قال : ” يتعلم علومنا ويعلمها الناس ؛ فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا “ .

إلا أن الملاحظة التي استوقفتني ، وكنت أرصدها رصداً دقيقاً ، هي : أنَّ كثيراً مما كان يصلني من الروايات – وهو بالعشرات – كان بعيداً كلّ البعد عن أساليب روايات المعصومين ( عليهم السلام ) ، مما دعاني لمتابعة كل ما يصل ، فوجدتُ أنَّ أكثره لا أصل له في مجاميعنا الحديثية المباركة رغم الفحص والتتبع الكثير .

ولست أدري من الذي يقف وراء هذه الظاهرة ؟! وما هي أهدافه منها ؟! ولكن الذي أدريه أننا بتداولنا لما ينسب للمعصومين ( عليهم السلام ) – من غير أن نتثبت منه ونقف على مصدره – نكون من المساهمين في نشر الأكاذيب على أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ولذلك أثران سلبيان :

الأول : تكوين ثقافة دينية ومفاهيمية خاطئة عند شريحة من الناس ، وهي الشريحة التي اعتادت أن تستمد ثقافتها السريعة والهشة من أمثال هذه المصادر والقنوات .

الثاني : تشويه فكر أهل البيت ( عليهم السلام ) ، ففي الوقت الذي يصف فيه الإمام الهادي ( عليه السلام ) كلامهم المبارك بأنه ” نور ” ، فيقول في الزيارة الجامعة الكبيرة : ( كلامكم نور ) ، وفي الوقت الذي يقول فيه الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا ) ، نقرأ فيما ينسب لهم ( عليهم السلام ) في عالم ( الواتس أب ) كلاماً يمجه الذوق العربي السليم ، وتأباه المفاهيم الدينية القطعية ، ولو وصل – وقطعاً سيصل – مثل هذا النحو من الكلام الممجوج ، والمنسوب للمعصوم ( عليه السلام ) ، لغير أتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) لكان موجباً لتشويه معالم فكرهم النيّر ، ونكون نحن ممن ساهم في الوصول إلى هذه النتيجة المرّة .

ومن هنا فإنني أحذر إخوتي الأعزاء وأخواتي المؤمنات من تناقل ما لم يتثبتوا من صحة نسبته إلى المعصوم ( عليه السلام ) ، وما لم يعثروا عليه في شيء من مصادرنا الموثوقة ، ولا ينبغي الانخداع بالروايات التي تصل مع ذكر المصدر إلى جانبها ، فإنَّ التدليس عنها ليس ببعيد ، إلا أن يتم التثبت من ذلك ، أو تصل من شخص مؤتمن موثوق .

ومن خلال تحلينا بروح الحيطة والحذر ، وتثبتنا فيما يصلنا منسوباً لأهل البيت ( عليهم السلام ) نثراً أو شعراً ، نكون ممن ساهم في صيانة أحاديث أهل البيت ، وتحصين الثقافة الدينية العامة ، والحفاظ على نقاء فكرهم بعيداً عن كل شائبة .

وأختتم هذه الكلمات برواية شريفة عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال فيها واصفاً أعداءهم الألداء: ( ويحدثون ويروون عنّا ما لم نقل ، تهجيناً منهم لنا ، وكذباً منهم علينا ، وتقرباً إلى ولاتهم وقضاتهم بالزور والكذب ) .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، والصلاة الدائمة على محمد وآله الطاهرين ، واللعنة المؤبدة على أعدائهم ومحرفي أحاديثهم ومنكري فضائلهم أجمعين .

ضياء السيد عدنان الخباز

الجمعة 28 / 5 / 1433 هـ


قراءة المقال كملف pdf

3 تعليقات على “يداً بيدٍ ضدّ حركة الوضع المعاصرة”

  1. بسم الله الرحمن الرحيم

    والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين ، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين .

    الموضوع مفيد جداً فلا يسعنا سوا شكركم على طرحه. لدي استفسار بسيط بخصوص هذا الموضوع وهو هل يوجد تطبيق ف الجوال او موقع متخصص في تأكيد ما إذا كان الحديث أو الرواية صحيحة أم لا؟ واذا لا يوجد مثل هذا الشيء هل بالامكان عمل تطبيق يؤكد صحة الرواية لكي يكون كمرجع لعامة الناس؟

    شكارين لكم حسن تعاونكم وفي ميزان اعمالكم ان شاء الله.

    1. إذا كان مقصودكم بالصحة صحة السند فلا بد من الرجوع إلى أهل العلم وسؤالهم عن ذلك، وأما إن كان المقصود مجرّد التحقّق من وجود الرواية في كتب الروايات فيمكن الاستفادة من برنامج (مكتبة أهل البيت عليهم السلام) في ذلك، ونتمنى أن يكون هناك في المستقبل القريب تطبيق سهل الاستخدام في الجوال للقيام بهذه المهمّة، ودمتم موفّقين لكلّ خير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *