كيف عصرت الزهراء (ع) بباب مضرم بالنار؟

س: هناك إشكال يطرح، وهو: كيف أحرق باب الصديقة عليها السلام وعصرت به في نفس الوقت وهو مضرم بالنار؟ كيف نجمع بين الأمرين؟

الجواب

ج: يوجد في ذلك احتمالان :

1 / الأول : أنّ ما حصل هو التهديد بالإحراق فقط ، كما لعلّه يستفاد من رواية العلامة المجلسي ( طاب ثراه ) حيث جاء فيها : ( وقلتُ .. : أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب . فقلت : إني مضرمها . فقالت : يا عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين . فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني .. فضربت كفيها بالسوط فآلمها .. فركلت الباب ، وقد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه ) .

وجاء في رواية الفيض الكاشاني ( طاب ثراه ) في عين اليقين : ( فأتوا بحطب فوضعوه على الباب ، وجاؤوا بالنار ليضرموه ، فصاح .. وقال : والله لئن لم تفتحوا لنضرمنه بالنار . فلما عرفت فاطمة عليها السلام أنهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب فدفعوها ) .

وعلى ضوء هذا الاحتمال – لو كنّا نحن وهو فقط – لا يبقى وجه للإشكال ، كما هو واضح .

2 / الثاني : أنّ النار قد استعرت في الباب ، كما تدل على ذلك رواية سليم بن قيس ، حيث جاء فيها : ( ثم دعا بالنار فأضرمها في الباب ، فأُحرق الباب ، ثم دفعه .. ) .

وعلى ضوء هذا الاحتمال يمكن دفع الإشكال بدعوى أنّ النار قد اشتعلت في الجزء الأسفل من الباب فقط ، مما أتاح للعدو أن يدفع الجزء الأعلى منه ، ويفعل ما فعل به من الركل والعصر .

ويشهد لذلك خبر الهداية الكبرى ، حيث جاء فيه عنها عليها السلام : ( وركل الباب برجله ، فردّه عليّ وأنا حامل ، فسقطت لوجهي والنار تسعر ) ، فإنّ حديثها عن استعار النار في قبال وجهها المقدس حين سقطت على الأرض يشعر بأنّ النار لم تكن متصاعدة ، وهذا ما يقرّب أنّ النار قد أُضرمت بجانب الباب فطالت الجزء الأسفل منه .

ومما يجدر الالتفات إليه : أن الاحتمالين المذكورين لا تنافي بينهما ، إذ أن مناط التنافي هو نفي إحدى الروايات لما تثبته الأخرى ، وليس ما نحن فيه كذلك ، إذ روايات الاحتمال الأول لا تنفي وقوع الإحراق بالنار ، وإنما لم تذكره ليس إلا ، وبالتالي فإن ذكر روايات الاحتمال الثاني لمسألة الإحراق يملأ فراغاً قد تركته الروايات السابقة ، من غير أن تكون هنالك أدنى منافاة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *