ما موقف السيد الخوئي من فقرة (لا فرق بينك وبينها)؟

س: قال السيد الخوئي:

4359 خير بن عبد الله : روى توقيعا عن أبي جعفر محمد بن عثمان بن سعيد ، و روى عنه ابن عياش ، ذكره الشيخ في مصباح المتهجد في أعمال شهر رجب .

أقول : هو مجهول الحال و ابن عياش ضعيف ، و تقدم بعنوان أحمد بن محمد ابن عبيد الله ، و مضمون التوقيع الذي أوله ( أللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك ) ، غريب من أذهان المتشرعة و غير قابل للاذعان بصدوره عن المعصوم عليه السلام

http://www.al-khoei.us/books/?id=7394

ما الذي يقصده السيد الخوئي قدس سره بالغريب وغير قابل للإذعان بصدوره عن المعصوم ؟

الجواب

ج: يطلق عنوان ( الغريب ) على الحديث ، ويراد به عند علماء الدراية : ما يشتمل على مضمون لم يُذكر في غيره ، ولعل عبارة ( لا فرق بينك وبينها ) هي المعنية بالغرابة .

وقد وجّهها ( قدّس سرّه ) في إحدى إجاباته الشريفة ، فقال : ( لعلها تشير إلى أنهم مع بلوغهم في مرتبة الكمال إلى حد نفوذ التصرف منهم في الكون بإذنك ، فهم مقهورون لك ، لأنهم مربوبون لك ، لا حيلة لهم دون إرادتك ومشيتك فيهم بما تشاء ، والله العالم ) .

وأما كونه غير ( قابل للإذعان بالصدور ) فلعله ناظر إلى جهة السند ، ومقصوده من ذلك عدم إمكان تصحيحه وإثبات صدوره .

والذي يقرّب هذا المعنى هو أنه ( قده ) في تقريراته ( فقه الشيعة ) 3 / 131 قد دفع الإشكال عن مضامين التوقيع ، وناقش فيه من ناحية سنده .

ولا بأس أن نذكر ما جاء في تقريره المذكور ليتضح الأمر للقارئ العزيز ، وإليك نصّه :

( في الدعاء المروي في التوقيع الشريف من الناحية المقدسة برواية الشيخ « قده » في مصباح المتهجد عن محمد بن عثمان بن سعيد رضي اللّه عنه في شأن ولاة الأمر : أنه يدعى به في كل يوم من أيام رجب « اللهم إني أسألك بمعاني جميع ما يدعوك به ولاة أمرك . إلى قوله عليه السّلام : فجعلتهم معادن لكلماتك ، وأركانًا لتوحيك وآياتك ، ومقاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان ، يعرفك بها من عرفك ، لا فرق بينك وبينها إلا أنهم عبادك وخلقك ، فتقها ورتقها بيدك » .

إذ قد يتوهم من قوله عليه السّلام « لا فرق بينك وبينها » : أنه لا فرق بينه تعالى وبين ولاة أمره في ثبوت المقامات الإلهية لهم عليهم السّلام سوى أنهم عباده وخلقه ، فيدل على التفويض .

ويدفعه : أن هذا الدعاء مع إجمال عباراته وعدم ثبوت صحة سنده -لأن الشيخ يرويه عن أحمد بن محمد بن عياش الجوهري ولم يثبت وثاقته- لا دلالة فيه على التفويض ، لأن قوله عليه السّلام: « فتقها ورتقها بيدك » ينفي التوهم المزبور لدلالته على أن كل ما يكون لهم عليهم السلام من الشئون والمقامات عطاء ربوبي ، ومع ذلك فتقها ورتقها بيده تعالى ، لأنهم عباده وخلقه ) .

وهذه العبارة وإن كانت مذكورة هامشاً ، وغالباً ما في الهامش يعود للمقرر لا للمقرّر له ، ولكن يجدر الالتفات :

١ . أولاً : إلى أنّ المقرّر ( طاب مثواه ) قد أشارَ في مقدمة الكتاب إلى أنّ تعاليقه إنما هي إيضاح لمقاصد أستاذه أو استدراك لها .

٢ . وثانياً : فإنَّ نفس السيد الخوئي ( قده ) قد قرّظ التقرير المشتمل على تلكم الإيضاحات والاستدراكات ، فوصفه بأنه ( في نهاية من الدقة والإتقان والإحاطة بالحقائق ) ، وأشاد بتلك الإيضاحات أيضاً بقوله : ( فلنعم ما كتب ، وأجاد في تحقيقه وتدقيقه ) ، إذ لا يخفى أنه لا مسرح لتحقيق المقرّر في نفس التقرير بما هو تقرير ، فلا معنى لتلك الإشادة إلا أن تكون ناظرة إلى تحقيقه لمطالب التقرير من خلال إيضاحاته واستدراكاته .

والله العالم بمقصوده

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *