كعبةُ الأرزاء

أقم العزا لسليلةِ الزهراءِ
أمِّ المصائبِ كعبةِ الأرزاءِ
هيَ والمصائبُ توأمٌ لم تنتهِ
مِنْ محنةٍ إلّا إلى لَأواءِ
مُذ أبصرتْ هذي الحياةَ بعينِها
لم تلقَ في الأيّام يومَ هناءِ
قد أبصرتْ خيرَ البريّةِ جدَّها
بالسَّمِ باتَ مُقطّعَ الأحشاءِ
ورأت أباها يومَ قادوهُ العدى
سحباً بغير عمامةٍ ورداءِ
ورأته لمّا شُقَّ مِفرقُ رأسهِ
بغياً بسيفِ شقاوةٍ وعِدَاءِ
ورأت وراءَ البابِ تُعصرُ أمُّها
وهوى الجنينُ مضرّجاً بدماءِ
ورنت إلى المسمارِ مزَّقَ صدرَها
والسوطُ ألمَّ كاهلَ الزهراءِ
والمجتبى قد أبصرت كبداً له
قطعاً تقيّأها منَ الأحشاءِ
ورأت سهامَ البغيِ ترشقُ نعشَهُ
لله رزءٌ جلَّ في الأرزاءِ
ورأت ولكن لا تسلني ما رأتْ
في الطفِّ من محنٍ وكربِ بلاءِ
رأت الحسينَ حبيبَها فوقَ الثرى
في كربلاءَ مبضَّعَ الأشلاءِ
ورنت إلى الرأسِ الشريفِ على القنا
وكأنّه في الرمحِ بدرُ سماءِ
ورأت أحبتَها كواكبَ كربلا
من أفقِها خرّوا إلى الرمضاءِ
ما بينهم قمرٌ يضيءُ سماءَها
لكنّه قد غابَ جنبَ الماءِ
ورأتْ كريماتِ الرسالةِ حُسَّراً
بيدِ الطغاة تُساقُ سوقَ إماءِ
والشام ويلُ الشام فيها كم رأتْ
ذُلَّ السبا وشماتةَ الأعداءِ
لله ما لاقتهُ طولَ حياتِها
حتى قضت في غربةٍ وبكاءِ
ماتتْ ولا زالتْ سياطُ عدوّها
في جسمِها تبدو لعينِ الرائي
وبعينِها نحرُ الحسين وكربلا
ومصابُهُ في يومِ عاشوراءِ
وبقلبِها عطشُ الحسين وجمرُهُ
فذَوَتْ وما ذاقتْ معينَ الماءِ
وغفتْ وكانتْ منذُ وقعةِ كربلا
قضتِ السنينَ أسىً بلا إغفاءِ
وتوقّفَ القلبُ الصبورُ فنبضُهُ
ما كانَ إلّا (سيّدَ الشهداءِ)

تعليق واحد على “كعبةُ الأرزاء”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *