فاحَ طيبُ الدينِ من أشذائِها
ونما الإسلامُ مِن أندائِها
لم يقمْ للدينِ لولاها عمودْ
لا ولا اخضرَّ مِنَ الإسلامِ عودْ
لعيونِ الدينِ جادَت أيَّ جودْ
وبها سادَ على بطحائِها
مُذ (ألستُ) الذر قد قالت (بلى)
فاستحقتَّ أن تكون الأَولا
مَن يضاهيها بمجدٍ وعُلا
ولها السَبقُ على أشيائِها
مَن يُداني في العُلا مفخرَها
ويضاهي في النقا عُنصرَها
وإلهُ الكونِ قد طهّرَها
فغدتْ كالأوصيا أبنائِها
قلّبَ الهادي ثنايا الخافقينْ
باحثاً في الكونِ عن قرّةِ عَينْ
فاصطفاها دونَ كلِّ العالمينْ
من لدن مريمَ بل حوّائِها
قد كساها الْحُسنُ أبرادَ الجمالْ
وغشّاها هيبةً نورُ الجلالْ
فبدتْ للمصطفى مجلى الكمالْ
وضياءُ الشمسِ مِن أضوائِها
قُدّست في الفضلِ عن أن تُوصفا
وتناهت في علاها شرفا
مصطفاةٌ قُرِنَت بالمصطفى
أينها مريمُ مِن عليائِها
مريمٌ إن حملت عيسى الرسولْ
وبهِ قد فُضّلت عَرْضَاً وطُولْ
فـ(خديجٌ) حملت نورَ (البتولْ)
أينَ عيسى الروحُ مِن زهرائِها
حملتْ في بطنِها سِرَّ الوجودْ
والتي قدماً لها كان السجودْ
فهي سرُ السرِّ في غيبِ الشهودْ
مَن تُرى يدرك معنى خائِها
بلغتْ في فضلِها أعلى مقامْ
إِذ من البارئِ خُصَّت بالسلامْ
وبهِ قد شُرّفت دون الأنامْ
فارتقت فخراً على جوزائِها
وعلى (الأعرافِ) في يوم القيامْ
يتجلّى فضلُها بين الأنامْ
فبكفَّيْها غداً (دارُ السلامْ)
ودخولُ الخُلْدِ من آلائِها
مذ قضت كادَ فؤادُ المصطفى
مِن تباريحِ الأسى أنْ يَقِفا
وعليها كادَ يقضي أسفا
حيثُ عاشَ العمرَ في أفيائِها
وعليهِ أنزلَ الروحُ الأمينْ
كفناً أهداهُ ربُّ العالمينْ
آهِ واحزني لمولايَ الحسينْ
ظلّ عريانا على بوغائِها
لم يُكفَّنْ غيرَ دَمٍّ وَتُرابْ
لم يُقلَّبْ غيرَ تقليبِ الحِرَابْ
لم يَذُقْ غيرَ حسامِ ابنِ الضَبَابْ
قد رواهُ بَدَلاً عن مائِها