من وحي عاشوراء

وغفا الليلُ في عيونِ الصحارى
يتخفّى في جِفْنِها إعصارا
والعيونُ السمراءُ كانتْ رماداً
وهو تحتَ الجفونِ كانَ جمارا
وإذا أقبلَ الصباحُ سيمتدُّ ضباباً
يخفي لهيباً ونارا
فأعدَّ الحسينُ سيفاً من النور
ونحراً وثلّةً أقمارا
هاتاً يا ظلامُ (أفٍّ) فكمْ أطفأتَ
فجراً وكمْ نحرتَ نهارا
ولقدْ آنَ أنْ تموتُ لتحيا
فوقَ أشلائك الشموسُ العذارى
قصّةُ الليلِ والحسينِ حكاياتُ
جراحٍ تفجَّرتْ أسرارا
قصّةٌ لم تزلْ تتوّجُ وجهَ الفجرِ
نوراً وللشموسِ مدارا
قصّةٌ ينفخُ الحسينُ فتسري
في شرايينها الحروفُ سكارى
قصّةٌ صاغَها الحسينُ ولولا
زينبٌ ما تمخّضتْ إعصارا
ورنتْ زينبُ البطولةِ في كفِّ
أخيها سيفاً ونوراً ونارا
يوقدُ النارَ لأُولى طعنوا الشمسَ
ونوراً للتائهينَ الحيارى
يعزفُ الموتَ للحياةِ وكانَ
السيفُ في وحي صمتهِ قيثارا
قرأتْ في عينيهِ من لغةِ الدمِ
حروفاً قدْ عاهدتهُ انتصارا
ورأتهُ يبني الشموخَ على أطلالِ
جرحٍ لم يعرفْ الانكسارا
ويريقُ الشريانَ شلالَ هديٍ
كانَ ينسابُ من يديهِ بحارا
فانبرتْ والرمالُ تسبقها خطواً
إلى الشمسِ قبلَ أَنْ تتوارى
أنتِ يا شمسُ لا تموتي فإنّا
ما أَلِفنا من غيرِ شمسٍ نهارا
إِنْ عزمتِ على الغروبِ فردّينا
إلى موطنِ إشراقكِ لنحياكِ ثارا
وهنا المسرحُ الحسينيُ قدْ
أسدلَ ستراً وأطفأَ الأنوارا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *