أَهَلْ تُزهِرُ الدُّنيا وقد قَضَت الزهرا
وما بلغتْ عِشرينَ أعوامِهَا عُمْرا
لقد هدَّهَا فقدُ النبيِّ ومَا جَرَى
عليها بما لم أستطِع عدَّهُ حَصرا
فَسَلْ بابَهَا إِن شِئتَ أو سَل جنينَهَا
وسَلْ خَدَّهَا الملطومَ أو عَيْنَها الحمرا
وسَلْ دارَهَا لمَّا عليها تَدافَعُوا
أَهَلْ شاهدوا الزهراءَ مَذعُورةً حسرى
وهل سَلِمَت من أَرجُلِ القومِ حينما
وَرَا البابِ لاذتْ تطلبُ الصَونَ والسِّترا
وَسَل عَضُدَيْها والسِّياطَ ومَتْنَها
وسَلْ ذلكَ المِسمارَ مُذْ خَرَقَ الصَدرا
تُرى هل رأى قلبَ البتولةِ والحَشَا
وهل كسَّرَ الأضلاعَ أم بَيْنَها مَرَّا؟!
خَلِيلِيَ فاعجَب كيفَ عاشت سُويعةً
وقد عُصرِت بالبابِ لَهفِي لهَا عَصرَا!
خَلِيلِيَ فاعجَب كيفَ عَاشَت ولم تَمُت
وقد أشبَعَ الأعداءُ أضلاعَهَا كَسرَا!
خَلِيلِيَ فاعجَب كيفَ عاشت ولم تَمُت
وَمِن رفسةٍ في البّطنِ مُحسِنُها خَرَّا!
فو اللهِ لو أنَّ الذي قد أصابَهَا
أصابَ الجبالَ الشُّمَّ صَيَّرَها ذَرَّا
ولو أنَّهَا مِمّا دَهَاهَا تَنَفَّسَت
لأشعلت الدنيا بأنفاسِهَا الحَرَّى
ولو أسمَعَت صُمَّ الصُخورِ أنينَهَا
وبثَّت لها الشَكوَى لصَدَّعت الصَخرا
ولكنَّهَا ظَلَّت حَبِيسةَ حُزنِهَا
تُكابِدُ مِن آلامِهَا غُصَصاً تَترَى
إذا رأت الكَرَّارَ هَاجَ بها الأسَى
فَصُورتُهُ في عينِهَا حينما جُرَّا
يَجرُّونَهُ طَوراً وإِن وَقفوا بهِ
على ظهرهِ انهالوا بأغمادِهم طَورا
وإِن رأت السبطينِ ضمّتهما لهَا
تقبّلُ ذَا ثَغراً وتَلثِمُ ذَا نَحرَا
وأعظمُ خطبٍ كانَ يُشجي فؤادَهَا
إذا نظرت في وَجهِ زينبِهَا الحَورا
متى مَا رأتها استحضرت طَفَّ كربلا
وتسييرَهَا للشامِ مسبيةً حسرى
يُبرِّحُها زَجرٌ بضربِ مُتونِهَا
وإن كفَّ عنها لحظةً أوكلَ الشمرا
فآهٍ على الزهراءٍ كم قد تحمَّلَت
مصائبَ منها مَا سَمعنا ولا عُشرَا
إلى أن غَدَت مِثلَ الخَيَالِ نَحِيلةً
كَسَتهَا ثيابُ الموتِ ألوانَهَا الصفرا
(وماتت وآثارُ السِّياطِ بِجنبِهَا)
وأضلاعُها تشكو إلى ربِّهَا الكَسرا
فغسَّلَهَا الكرَّارُ في الليلِ خِلسةً
وشَيَّعَهَا فيهِ وألحَدَهَا سِرَّا
ولو لم يُعفِّ قبرَهَا عن عُيونِهم
لمَا امتنعوا واللهِ أن يَنبشوا القَبرا
أَبنتُ رسولِ الله يُنبشُ قبرُهَا
تُرَى أجرَمَت جُرماً أم ارتكبت وِزرَا؟!
فَو اللهِ حَاشَاها ولكنَّ قومَهَا
أضَاعُوا لها لمَّا قضى المصطفى قَدرا
وقد بَقِيَت مِثلَ الغَريبةِ بَينَهُم
فقد جَرَّعُوهَا بعدَ وَالدِهَا الهَجرا
فللهِ مَا ذَاقَت وللهِ مَا رَأَت
وللهِ مِن صَبرٍ لها أعجزَ الصبرا
وصَلَّى عليها اللهُ ذَاتاً وَوَالداً
وبَعلاً وأولاداً ومَا استُودِعت سِرَّا
مكررة بعنوان على اعتاب باب فاطمة.
أحسنتم التنبيه، تم التصحيح