نصوص أشكلت حول الاجتهاد والتقليد

تاريخ المحاضرة: 12/01/1444

نقاط البحث:

  1. نصوصٌ أشكلت حول الاجتهاد
    • ونحن ننفي القول بالاجتهاد
    • أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد
    • رواية الإمام الصادق (ع) مع أبي حنيفة
  2. نصوصٌ أشكلت حول التقليد
    • إياكم والتقليد فإنّه من قلّد في دينه هلك

التسجيل الصوتي:

تحميل: نصوصٌ أشكلت حول الاجتهاد والتقليد

اليوتيوب:

حسينية بن جمعة بالكويكب

حسينية عمارة بالربيعية

حسينية الزين بالقديح

تسجيل محمد السنان

نصّ المحاضرة

قال تعالى في كتابه الكريم: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}.

هذه الآية المباركة تُعرَف بآية النفر، وهي تقرِّر ما عليه سيرة المسلمين جميعًا وسيرة الإمامية بالخصوص في كيفية تلقي المعارف الدينية، فتقول: ليست وظيفة جميع المؤمنين أن يهاجروا لطلب المعارف الدينية، بل لا يمكن تكليف جميع الناس ذلك؛ لما يستلزمه من الحرج والإخلال بالنظام العام، فإنَّ النظام العام للمعيشة يحتاج أطباء ومهندسين وأصحاب حرف من نجّارين وحدّادين وخبّازين وغيرهم، فلو انصرف جميع الناس لطلب المعارف الدينية لتعطّل هذا النظام. ولذلك فالحل هو أن ينفر من كل مجتمع جماعةٌ للتفقه في الدين، ثم يقومون بعملية التبليغ إذا رجعوا.

ومن هذه السيرة وُلِدَ ما يُعْرَف عند الشيعة بنظام الاجتهاد والتقليد، حيث يهاجر جماعة إلى المراكز العلمية فيدرسون ويتخصّصون، حتى يصبحوا من أهل الاجتهاد والاستنباط، فيرجع إليهم بقية الناس ويأخذون المعارف الدينية منهم.

وهذا النظام ليس نظامًا مستحدثًا، بل هو يمتد إلى زمن المعصومين (عليهم السلام)، لأنه لم يكن يتسنى لجميع الناس أن يصلوا للمعصوم، بل قد يكون المعصوم في الكوفة بينما بعض الشيعة في المدينة، وبعضهم في البصرة، وبعضهم في الري، وبعضهم في قم المقدسة، وغيرها من مناطق التشيع، فكانت السيرة أن يذهب مجموعة من الشيعة من كل بلد إلى حيث المعصوم فيتفقّهون ثم يرجعون ويأخذ البقية منهم.

وبقي هذا النظام مستمرًا إلى يوم الناس هذا، حيث ظهرت بعض الفرق من الشيعة تحارب نظام الاجتهاد والتقليد، وتنال من الفقهاء نيلًا عظيمًا، وهم يتذرّعون ببعض الروايات التي تذكر لفظ الاجتهاد أو التقليد ويظهر منها الذمّ لهما، حيث يجمعون هذه الروايات وينشرونها في وسائل التواصل، بل في بعض المناطق يخرج المستمعة من المجالس فيرون أوراقًا على سياراتهم مكتوب فيها روايات تذم الاجتهاد أو الفقهاء من أهل الاجتهاد أو المقلدين لهم، فأوجبوا بذلك إرباكًا، ومن هنا نريد أن نتحدّث عن هذه الروايات من خلال محورين:

المحور الأول: نصوصٌ أشكلت حول الاجتهاد.

ونتعرّض هنا لثلاثة نصوص، ويتّضح الكلام منها في غيرها.

النص الأول: ما نُسِب لأمير المؤمنين (ع).

ورد عن أمير المؤمنين (ع): ((ونحن ننفي القول بالاجتهاد، لأن الحق عندنا مما قدّمنا ذكره من الأصول التي نصبها الله تعالى، والدلائل التي أقامها لنا، كالكتاب والسنة والإمام والحجة، ولن يخلو الخلق عندنا من أحد هذه الأربعة وجوه التي ذكرناها، وما خالفها فباطل)).

نقول: هذا النص لم يثبت انتسابه لمولانا أمير المؤمنين (ع)، ومن اعتادت أذنه على سماع كلماته الشريفة يعرف أنَّ لحن هذه الرواية ليس لحن الكلام العلوي، ولا توجد عليه مسحةٌ من مسحات بلاغة علي (ع) وفصاحته، بل لحنه لحن كلامٍ لعلماء متأخرين عن زمن المعصومين (عليهم السلام).

ثانيًا: إنَّ هذه الكلمة تتحدث عن نوع من أنواع الاجتهاد لا ينطبق على الاجتهاد المتعارف عند الشيعة، فقد ورد في نفس هذه الرواية قبل المقطع الذي ذكرناه: ((وأمّا الرد على من قال بالاجتهاد: فإنهم يزعمون أن كل مجتهد مصيب))، ومن هذه العبارة نفهم أنَّ هذه الرواية تتحدث عن اجتهاد المصوّبة، وما عليه الشيعة هو اجتهاد المخطّئة، وفرقٌ بين الاجتهادين.

وبيان ذلك: إنَّ الشيعة يقولون: في الواقع هناك حكم واحد لله تعالى لا يتغيّر، والمجتهد ربّما يصيب هذا الحكم وربّما يخطئه، ولذلك نسمّى مخطئة، فنحن لا نقول إنَّ المجتهد لا بد من أن يصيب الحكم، بل قد يشتبه في مقدمة من مقدمات الاستدلال فيخطئ الحكم.

بينما الأشاعرة وبعض المعتزلة مصوّبةٌ، فهم يقولون: المجتهد مهما اجتهد يكون حكم الله معه، فمثلًا: في حكم صلاة الجمعة خلافٌ بين الفقهاء، بين قائل بالاستحباب وقائل بالوجوب وقائل بالحرمة، وعلى رأي المصوِّبة فإنَّ جميع هذه الأحكام هي أحكام الله تعالى، حيث تتعدد أحكام الله تبعًا لتعدد اجتهادات المجتهدين، وكلهم أصابوا حكم الله، ولذلك يسمّى هؤلاء مصوّبة.

وإذا كان هذا النصّ يتحدّث عن اجتهاد المصوّبة، فلا علاقة له بما عليه سيرة الشيعة.

النص الثاني: ما نُسِب للإمام الصادق (ع).

حيث نُسِب إليه أنَّه قال: ((أعداؤه -أي: أعداء الإمام المهدي (عليه السلام)- مقلّدة الفقهاء أهل الاجتهاد، لما يرونه يحكم بخلاف ما ذهب إليه أئمتهم)).

نقول: ما هذا الفجور في الخصومة؟! أنت إذا كنت لا تريد الفقهاء فلا تقلِّد فقيهًا، ولكن لماذا تنسب للمعصوم كلام ناصبي؟! فإنَّ هذا كلام ابن عربي المنحرف الناصبي، ذكره في كتابه (الفتوحات المكية: ج3، ص327) وأخذوه منه ونسبوه لإمامنا الصادق (ع)، وقد تنبّه لذلك بعض علمائنا المحدّثين الأجلاء، منهم المحدث الاسترابادي (قدس سره) في الفوائد المدنية، ومنهم الفقيه الكبير المحدث الخبير الشيخ سليمان الماحوزي البحراني (قدس سره) في كتابه الأربعين. فهذا النص لا يصلح للاحتجاج، بل يضرب به عرض الجدار.

النص الثالث: خبر احتجاج الإمام الصادق (ع) على أبي حنيفة.

ورد عن الإمام الصادق (ع): ((أنت الذي تقول: سأنزل مثل ما أنزل الله تعالى؟! قال: أعوذ بالله من هذا القول. قال: إذا سئلت فما تصنع؟ قال: أجيب عن الكتاب أو السنة أو الاجتهاد. قال: إذا اجتهدت من رأيك وجب على المسلمين قبوله؟ قال: نعم. قال: وكذلك وجب قبول ما أنزل الله، فكأنك قلت: سأنزل مثل ما أنزل الله تعالى!)).

فهنا قد يقال: إنَّ هذه الرواية واضحة في ذمّ الإمام الصادق (ع) للاجتهاد، فكيف يتلاءم هذا مع ما عليه الشيعة من اجتهاد علمائهم وأخذهم من المجتهدين؟

نقول: إنَّ الاجتهاد على نوعين: اجتهاد بالرأي، واجتهاد في النص، وفرق كبير بينهما.

أمّا الاجتهاد بالرأي فهو ما كانت تتبنّاه مدرسة فكرية كانت موجودة في الكوفة في القرن الثاني والثالث تسمى مدرسة الرأي، وتنسب لعدة من الشخصيات، حيث كانت هذه المدرسة ترى أنَّ مصادر الأحكام الشرعية ثلاثة: القرآن والسنة والاجتهاد، فحين يستفتى أحدهم عن مسألة فإنَّه يبحث عن جوابها في القرآن، فإن لم يجد جوابًا ذهب للسنة، وإن لم يجد في السنة جوابًا فإنّه يحاول أن يحلّل القضية برأيه إلى أن يصل للحكم الأقرب، ومن هنا انفتح باب (القياس) و(الاستحسان) و(المصالح المرسلة) و(سد الذرائع)، فالاجتهاد بالرأي هو الاجتهاد بمعزلٍ عن الكتاب والسنة.

بينما الاجتهاد في النص يعني أنَّ الفقيه يبذل جهده وطاقته في فهم النص الشرعي، فمثلًا: حين يأتي المجتهد لما ورد عن الإمام الصادق (ع): ((لا يرتمس الصائم ولا المحرم رأسه في الماء))، فإنّه يبحث: هل الرواية تتحدث عن حكم تكليفي أم وضعي؟ فإن كان وضعيًا كان معنى الرواية أنَّ الارتماس مبطلٌ للصيام، وإذا كان تكليفيًا فمن المحتمل أنه نهيٌّ على نحو الحرمة، فيستوجب الإثم والعقوبة، كما يحتمل أن يكون نهيًا على نحو الكراهة، والمجتهد يقلِّب جميع هذه الاحتمالات ويدرسها ويبذل جهده من أجل ترجيح أحدها على بقية الاحتمالات، وهذا النحو من الاجتهاد في النص ليس اجتهادًا عبثيًا، بل هو على طبق قوانين وقواعد وضوابط علمية محدّدة.

وإذا اتّضح الفرق بين هذين النحوين من الاجتهاد، يتّضح أنَّ الاجتهاد المذموم في الرواية إنَّما هو الاجتهاد بالرأي، لا الاجتهاد في النص، ولذلك قال أبو حنيفة: ((أجيب عن الكتاب أو السنة أو الاجتهاد))، فلم يجعل الاجتهاد في إطار الكتاب والسنة، بل جعله وحده في مقابلهما.

ولا يخفى أنَّ ما عليه سيرة الشيعة إنَّما هو الاجتهاد في النص، وأما الاجتهاد بالرأي فهو عند الشيعة محظور كما حظره أئمتنا الطاهرون (عليهم السلام).

ظاهرة تغيّر معاني الألفاظ:

وهنا نقطة مهمة لا بدَّ من لفت النظر إليها، وهي أن الألفاظ لا تحتفظ دائمًا بمعناها الأول، بل قد يكون للفظ معنى، ثم بامتداد الزمان ولأسباب معينة يتغير معناه.

فمثلًا: ورد لفظ (السيارة) في القرآن الكريم بمعنى قافلة الإبل، وذلك في قوله تعالى: {وَجَآءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ}، فهذا هو المعنى المتبادر في زمن نزول القرآن، وأمّا الآن فبمجرد أن نسمع مفردة (السيارة) نفهم منها المنتج الصناعي المعروف، فهذا اللفظ لم يحتفظ بمعناه الأول، بل هجره وصار له معنى جديد بامتداد الزمان.

وهكذا هي مفردة الاجتهاد، فإنَّها في زمن الإمام الصادق (ع) في القرن الثاني -بل إلى النصف الأول من القرن السادس- كانت تستعمل في الاجتهاد بالرأي، وأما الاجتهاد في النص فهو معنى مستحدث بعد ذلك.

ومن هنا يتّضح وهن ما يتشبّث به هؤلاء للتلبيس على الناس، حيث يقولون: عندنا كلمات من علمائكم تدلُّ على أنَّ الاجتهاد مذمومٌ! فيتمسّكون مثلًا بقول السيد المرتضى (أعلى الله مقامه) في كتاب الذريعة: “إنَّ الاجتهاد باطل”، وبقول شيخ الطائفة الطوسي في العدة: “وأما القياس والاجتهاد فعندنا إنهما ليسا بدليلين، بل محظور في الشريعة استعمالهما”، مع أنَّ هذين العلمين إنَّما يتحدّثان عن الاجتهاد بالرأي، وهو باطلٌ عندنا.

المحور الثاني: نصوصٌ أشكلت حول التقليد.

وهنا يوجد نصٌّ واحدٌ يتيمٌ يتمسّك به هؤلاء لبيان أنَّ التقليد مذمومٌ، وهو ما ورد عن الإمام الصادق (ع): ((إياكم والتقليد! فإنَّه من قلّد في دينه هلك، إنَّ الله تعالى يقول: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ الله}، فلا والله ما صلوا لهم ولا صاموا، ولكنهم أحلّوا لهم حرامًا، وحرّموا عليهم حلالًا، فقلّدوهم في ذلك، فعبدوهم وهم لا يشعرون)).

ويمكن التعليق على هذا الاستدلال بملاحظتين:

الملاحظة الأولى: الملاحظة السندية.

أوّلًا: هذه الرواية مرسلة إرسالًا شديدًا، لأنَّها مروية عن الشيخ المفيد (عليه الرحمة) في كتاب تصحيح اعتقادات الشيعة، وبين الشيخ المفيد والإمام الصادق (ع) أكثر من 140 سنة، وهذا يعني وجود سبعة وسائط تقريبًا ساقطة من السند.

ثانيًا: لم يروها أحدٌ من علمائنا غير الشيخ المفيد، إذ هي غير موجودة إلا في كتاب تصحيح الاعتقادات.

ثالثًا: كتاب تصحيح الاعتقادات لم تثبت نسبته للشيخ المفيد، بل مؤلفه غير معلوم، وبالتالي فلا يصحّ الاستناد إلى رواية لا يُعلَم لها مصدرٌ يمكن الاستناد إليه.

الملاحظة الثانية: الملاحظة المضمونية.

لو قبلنا وسلّمنا تنزّلًا بأنَّ الشيخ المفيد قد روى هذه الرواية وأنَّ الإمام الصادق (ع) قد قالها، إلّا أنَّ هذه الرواية تقابلها روايات أخرى تحثّ على التقليد، نظير ما ورد عن الإمام الصادق (ع): ((ألا ومن كان من الفقهاء صائنًا لنفسه حافظًا لدينه مخالفًا على هواه، مطيعًا لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه))، وحينئذٍ فلا بدَّ من الجمع بين هاتين الطائفتين من الروايات.

والجمع بينهما يتّضح من خلال ما بيّنه الإمام الصادق (ع) في نفس الرواية السابقة، حيث ورد فيها: ((قال رجل للصادق عليه السلام: فإذا كان هؤلاء القوم من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره، فكيف ذمّهم بتقليدهم والقبول من علمائهم، وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم؟ فقال عليه السلام: بين عوامنا وعلمائنا وعوام اليهود وعلمائهم فرقٌ من جهة وتسويةٌ من جهة. أما من حيث استووا: فإنَّ الله قد ذم عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذم عوامهم. وأما من حيث افترقوا فلا. قال: بيِّن لي يا بن رسول الله. قال عليه السلام: إنَّ عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح، وبأكل الحرام والرشاء، وبتغيير الأحكام عن واجبها بالشفاعات والعنايات والمصانعات، وعرفوهم بالتعصب الشديد الذي يفارقون به أديانهم… فلذلك ذمهم لما قلدوا من قد عرفوه ومن قد علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه في حكايته… وكذلك عوام أمتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر، والعصبية الشديدة والتكالب على حطام الدنيا وحرامها… فمن قلّد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمّهم الله بالتقليد لفسقة فقهائهم))، فهذا كلّه بيانٌ للتقليد المذموم، ثم تحدّث الإمام عن التقليد الممدوح فقال: ((فأما من كان من الفقهاء صائنًا لنفسه، حافظًا لدينه، مخالفًا على هواه، مطيعًا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلّدوه)).

وهذا يعني أنَّ تقليد المحرّفين في دين الله تعالى مذمومٌ، بينما تقليد الورعين الأتقياء الفقهاء ممدوحٌ، ولم تجرِ سيرة الشيعة على قبول الفتوى من أيّ فقيه وإن خالف الضروريات، فلو جاء فقيهٌ وقال: إنَّ الصلاة ليست واجبة! فلا أحد من الشيعة يقبل ذلك منه، بل سيرة الشيعة جاريةٌ على التثبّت في الرجوع للفقهاء، ولذلك حين يموت مرجعٌ من المراجع العظام فإنَّ العالم الشيعي يستنفر من أجل أن يطمئن أنَّ المقلَّد الجديد جامع للشرائط، فيكون ورعًا تقيًّا عادلًا فقيهًا مجتهدًا.

وإن كنّا نتأسّف أنَّ بعض الشيعة في الآونة الأخيرة صاروا يرجعون للمتمرجعين، أي إلى شخص ليس مجتهدًا ولكن يُقرَن اسمه بأسماء المراجع العظام، وقد تصدر منه تصريحات تصطدم مع الثوابت والمسلّمات ومع ذلك يصرّ بعض الشيعة على تقليده والدفاع عنه.

والحاصل: فإنَّ هذه الرواية لا تشمل تقليد الشيعة، بل هي ناظرةٌ إلى تقليد المنحرفين الذين يحرّفون دين الله تعالى، وأين هذا من تقليد علمائنا الأبرار؟! ولكن المشكلة أحيانًا رغم وضوح الأمور أنَّ هناك جماعة من الناس عندها مآرب تجعلهم يحاربون مسألة التقليد، وهما فئتان:

1/ فئة اللادينيين، وهؤلاء مأربهم أن ينتهي التقليد ويفصلوا الناس عن العلماء حتى يستطيعوا أن يفصّلوا الدين كما يريدون.

2/ بعض الفرق الدينية، وهي التي تريد أن تفصل الناس عن العلماء حتى تفصِّل مذهب التشيع تفصيلًا جديدًا، ولا يستطيعون أن يخطوا هذه الخطوة مع وجود الارتباط بين الناس والعلماء.

فحريٌ بالمؤمنين أن يلتفتوا إلى خطورة زوي العلماء في زاوية وفصلهم عن الناس، فإنَّ سيرة الشيعة منذ العصر الأول قائمة على الرجوع للفقهاء والتمسّك بهم.


شبكة الضياء > مكتبة المحاضرات > محرم الحرام > محرم الحرام 1444

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *