هل يستحب إطعام الحيوانات؟

س : أذهب عض الأحيان لصيد الأسماك ، وذات مرة وبينما أصيد السمك وجدت مجموعة من القطط تنظر إليَّ وتريد السمك الذي أصيده ، فأعطيتها بعض السمك الذي اصطدته ، والسؤال : لو غيرت نيتي بدل صيد السمك إلى التنزه لصيد السمك لإطعام القطط ، فهل أؤجر على هذه النية ؟ وهل إطعام القطط أو الحيوانات له ثواب عظيم ؟ علماً بأني فقط أصيد السمك وأعطيه إلى القطط ، وأود من سماحتكم التكرم وإعطائي بعض الروايات التي تتحدث عن ذلك ، ولكم جزيل الشكر

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم ، وبمددِ أوليائهِ أستعين

لا شكَ في أنَّ سقي الماء وإطعام الطعام للحيوانات حسنٌ عقلاً ، وقد أفتى غير واحد من الفقهاء باستحبابهِ – في الجملة – شرعاً ، وتشهد لذلك الكثير من النصوص ، والتي نتيمن بذكر بعضها في المقام استجابة لطلبكم ، منها :

1 – ما عن نجيح قال : رأيت الحسن بن علي ( عليهما السلام ) يأكل ، وبين يديه كلب ، كلما أكل لقمة طرح للكلب مثلها ، فقلت له : يا ابن رسول الله ، ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك ؟ قال : ” دعه ، إني لأستحي من الله تعالى ، أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل ، ثم لا أطعمه ” .

2 – وعن الحسن البصري قال : ذهب الحسين ( عليه السلام ) ذات يوم مع أصحابه إلى بستان له ، وكان في ذلك البستان غلام يقال له : صافي ، فلما قرب من البستان ، رأى الغلام يرفع الرغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ويأكل نصفه ، فتعجب الحسين ( عليه السلام ) من فعل الغلام ، فلما فرغ من الأكل قال : الحمد الله رب العالمين ، اللهم اغفر لي ولسيدي ، وبارك له كما باركت على أبويه ، يا أرحم الراحمين .

فقال الحسين ( عليه السلام ) : ” يا صافي ، إني رأيتك ترمي بنصف الرغيف إلى الكلب وتأكل نصفه ، فما معنى ذلك ؟ ” فقال الغلام : يا سيدي ، إن الكلب ينظر إلي حين آكل ، فإني أستحيي منه لنظره إلي ، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء ، وأنا عبدك ، وهذا كلبك ، نأكل من رزقك معاً ، فبكى الحسين ( عليه السلام ) ، وقال : ” إن كان كذلك ، فأنت عتيق لله ” ، ووهب له ألف دينار .

3 – وعن المعلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ” إن عيسى ابن مريم ( عليه السلام ) لما أن مرَّ على شاطئ البحر رمى بقرص من قوته في الماء ، فقال له بعض الحواريين: يا روح الله وكلمته، لم فعلت هذا، و إنما هو من قوتك؟ فقال : ” فعلت هذا لدابة تأكله من دواب الماء ، وثوابه عند الله عظيم ” .

4 – وعن الإمام الصادق ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، قال : ” بينا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يتوضأ ، إذ لاذ به هر البيت ، فعرف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه عطشان ، فأصغى إليه الإناء ، حتى شرب منه الهر .

ونكتفي بذكر هذا القدر من النصوص الشريفة ، إلا أنَّ الذي ينبغي الالتفات إليه في نهاية المطاف : أنَّ إطعام الحيوان وسقيه وإن كان أمراً حسناً في حدِّ نفسه ، إلا أنَّ الأفضل منه والأكثر ثواباً هو إطعام المؤمن الجائع، وقد دلَت عليه الكثير من النصوص ، ومنها : ما ورد عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) الباقر : ” أما تستطيع أن تعتق كل يوم رقبة ؟ ” قال : لا يبلغ مالي ذلك ، فقال : ” تشبع كل يوم مؤمناً ، فإن إطعام المؤمن أفضل من عتق رقبة ” .

وعليه : فإذا تمكن الإنسان من إيصال الأسماك التي يصطادها للمحتاجين من المؤمنين ، فهو أولى وأفضل من إطعام الحيوانات ، والجمع أجمل وأكمل .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *