س: استوقفني قوله تعالى: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئًا قليلًا}.
أولًا: بحسب ما سمعت وقرأت عن بعض العلماء أن العصمة تولدت عند الأنبياء و الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم من العلم الذي أعطي لهم من الله سبحانه وتعالى، فمن هذا العلم أصبحوا معصومين.
ثانيًا: مما نقرأ في أدعية الأئمة من المناجاة وغيرها من الأدعية وقول النبي صلى الله عليه وآله: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ،،، مما نعلمه أنه للأمة وتعليم لنا.
وسؤالي ها هنا: لماذا ثبت الله عز وجل النبي وما المقصود بالتثبيت إذا كان النبي معصومًا ولا يمكن أن يركن إليهم؟
الجواب
ج: الظاهر أنّ المراد بالتثبيت في قوله تعالى : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً ) هو العصمة الإلهية .
والملفت في الآية أنها جعلت جواب ( لولا ) هو ( لقد كدت تركن ) دون نفس الركون ، ومن المعلوم أنّ الركون هو الميل أو أدنى الميل ، وهذا يعني أنه ( صلى الله عليه وآله ) ليس لم يركن فقط ، بل إنه لم يكد يركن .
وعلى ضوء ذلك يتضح أنّ معنى الآية الكريمة هو أنه لولا أن ثبته الله تعالى بالعصمة لكاد النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يميل إليهم ولو قليلاً ، ولكنه قد ثبته الله فلم يدنُ حتى من أدنى الميل إليهم فضلاً عن أن يميل ، وفي ذلك دلالة على عظمة عصمته ( صلى الله عليه وآله ) .
ولا يخفى أنّ المعنى الذي استظهرناه للآية إنما يتم لو كنّا نحن وهي ، ولم تكن هنالك رواية تفسّرها ، والحال أنه قد ورد في كتاب ( عيون الأخبار ) في باب ذكر مجلس الإمام الرضا ( عليه السلام ) عند المأمون في عصمة الأنبياء ( عليهم السلام ) في حديث طويل : أنّ المأمون قال للرضا ( عليه السلام ) : فأخبرني عن قول الله تعالى : ( عفى الله عنك لم أذنت لهم ) ؟ فقال الرضا ( عليه السلام ) : هذا مما نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة ، خاطب الله تعالى بذلك نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وأراد به أمته ، وكذلك قوله عز وجل : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) ، وقوله تعالى : ( ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً ) ، فقال المأمون : صدقت يا بن رسول الله .
وورد مثل ذلك في تفسير الآية عن ابن أبي عمير عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، ومما لا شك فيه أنّ كلام الإمام إمام الكلام .