س: إذا كان الله رحيمًا بعباده فلماذا يضرّنا إن لم ندعه ونتوسل به؟
الجواب
ج : لا شك عندنا كمسلمين أن الله تعالى – بمقتضى حكمته – لم يخلقنا عبثاً ، وإنما خلقنا بهدف الارتقاء والتكامل ، وإذا كان هذا هدفه فإنه لن يتحقق بدون أن يعطي مَن يستحق الإعطاء ويحرم مَن يستحق الحرمان ، ولو أنه أعطى الجميع وساوى بينهم في العطية لنقض هدفه ، إذ أنّ هذا يحول دون تكاملهم .
ويمكن التنظير لذلك بالمدرس والطلاب ، فإنه إنما يعلمهم بهدف صقلهم وتربيتهم ، وهذا ما يدعوه أن يكافئ المجتهد منهم بالحسنى ويحرم المقصر من ذلك ، وأما لو أعطاهم جميعاً لنقض هدفه ، لأنّ أيّاً منهم لن يتجاوز نقطة الصفر ما دام يُكافئ على كل تقدير .
ومما لا شك فيه : أنّ ما يقوم به المدرس مع طلابه ليس إضراراً بهم ، بل هو إجراء عقلائي لحفظ مصالحهم ، وتحقيق الأهداف المنشودة من عملية تعليمهم .
وهكذا هو الله اللطيف بعباده ، فإنه حين يحرم المقصّر ويكافئ المطيع فليس ذلك لرغبة منه في الإضرار والعقاب ، وإنما هو من باب الحرص على تحقيق عملية التكامل ، ولو لم يصنع ذلك لكان ناقضاً لهدفه ومضيعاً له ، ولا ينقض أهدافه إلا العاجز أو العابث ، وحاشاه سبحانه وتعالى ذلك .