س: المشهور بين فقهائنا وجوب تقليد الأعلم على نحو الفتوى أو الإحتياط ، واستدلوا عليه بدعوى الإجماع ومبنى العقلاء عند اشتباه الحجة باللاحجة وإطلاقات رجوع العالم للجاهل وغيرها ، وعلى نفس هذه المباني أوجبوا مراعاة الأخذ بقول الأعلم فالأعلم في الإحتياطات الوجوبية لمرجع التقليد لم أراد عدم العمل بقوله .
السؤال : الشهيد الصدر الأول قدس الله تربته قال بالأول وامتنع عن القول بالثاني على وجه الإطلاق ، حيث قال في تعليقته على منهاج السيد الحكيم (قدس) في مسألة الإحتياط الوجوبي قال: ” إطلاق الأخذ بقول الأعلم فالأعلم فيه إشكال بل منع ” فما هو الوجه في ذلك ؟
الجواب
ج : باسمه تعالى ، عمدة ما يستدل به المتأخرون للزوم تقليد الأعلم هي السيرة العقلائية ، وبما أنها من الأدلة اللبية فيقتصر منها على القدر المتيقن فقط إن لم يحرز معقدها ، وبما أنه عند احتياط الأعلم تارة يفتي من في طوله بشكل مباشر أو مع قلة الوسائط ، وتارة لا يفتي إلا من كان في طوله مع كثرة الوسائط ، فمثلا : تارة يكون هنالك فقيهان أو ثلاثة وعند احتياط الأول يفتي الثاني أو الثالث ، وأخرى يكون هنالك عشرة فقهاء وكلهم يحتاطون ما خلا العاشر ، فإنه في الفرض الأول يحرز قيام السيرة على الرجوع للأعلم الثاني أو الثالث ، لتقارب مستواهما مع مستوى الأعلم الأول ، بخلافه في الصورة الثانية ؛ فإنه لا يحرز قيامها على الرجوع للأعلم العاشر ، لشذوذ فتواه بالنسبة لمن هم أعلم منه بمراتب ، ولو شك في جريانها في هذا الفرض لم يمكن التمسك بإطلاقها لكونها من الأدلة اللبية كما ذكرنا ، ولعلّه من هنا أنكر السيد الشهيد ( طاب ثراه ) إطلاق الرجوع إلى الأعلم ، والله العالم .