رحيلُ القداسة

  • في رثاء فقيد العلم والزهد والتقى، القدِّيس الحسيني، سماحة العلامة الحجة، الشيخ منصور البيات (قُدِّس سرُّه) المتوفى ليلة الثلاثاء 1420/8/29هـ.
سَتظلُّ يا شيخَ الصُمُودِ
وِرْداً على شفةِ الخلودِ
سَتظلُّ تخترقُ الزمانَ
تعيشُ فيهِ بلا حدودِ
حتّى وإنْ صَلُبَ الزمانُ
وكانَ كالجبلِ العنيدِ
ستظلُّ أَنتَ كأَنّما
داودُ يهزأُ بالحديدِ
***
تسعونَ عاماً ما انقضتْ
إلّا على نُسكٍ وجودِ
في كُوخهِ الطينيِّ كانَ
يصوغُ ملحمةَ السُجودِ
ثفناتهِ السمراءَ يا أَلقاً
تَلألأَ في الوجودِ
قدْ كنتِ كالقنديلِ
يُشرقُ للقريبِ وللبعيدِ
تَتَحدّثينَ بصمتكِ القُدُسيِّ
عن سِمةِ الهُجودِ
وتجسّدينَ مَلامحَ السَـ
ـجَّادِ للجيلِ الجديدِ
***
شَيخُ الحسينيّينَ عِشقٌ
للحسينِ بلا حدودِ
يُذكي لَهيبَ الطفِّ إنْ
عصفتْ بِنَا ريحُ الركودِ
يَا كربلاءُ إِليكِ هَاجرَ
عاشقُ السبطِ الشهيدِ
ودُموعُهُ الحمراءُ في
عينيهِ لاهبةُ الوقيدِ
نحتَتْ دموعُ عيونهِ
أَنهارَها فوقَ الخُدودِ
فكأَنهُ في حُزنهِ
يعقوبُ يُبعثُ من جديدِ
يبكي على نحرٍ بهِ
سِرُ الخليقةِ والوجودِ
هيَ هكذا لغةُ الدُموعِ
إذا طَغتْ لغةُ القيودِ
***
عَوّذتُ طبعكِ يا قطيفُ
بأنْ يميلَ إلى الجحودِ
مَا مرَّ يومُ الأربعين
وأَنتِ في فَرحٍ وعيدِ![1]
مَا كانَ هذا من طِباعكِ
في القديمِ من العهودِ
أَنْ تُجحفي العلماءَ
مَا بذلوهُ نحوكِ من جهودِ
فلأيِّ شيءٍ أنتِ عنْ
ماضيكِ دوماً في صُدودِ
وكأَنَّ مَن فقدتهُ أرضُكِ
ليسَ عندكِ بالفقيدِ
***
يَا أَيُّها الوَطَنُ الوَفيُّ
أَفِقْ فإِنّكَ في رُقودِ
واعصفْ بكلِّ (مُزيَّفٍ)
يرمي رموزكَ بالجمودِ
عَظِّمْ رُموزَكَ إنّهمْ
سَبَبُ التقدّمِ والصُعودِ
وهُمُ الرُجومُ بِهمْ سَترجمُ
كلَّ شيطانٍ مَريدِ
***
يَا روحَ قدِّيسِ القطيفِ
تَلوحُ في أُفقِ الخلودِ
عذراً إذا مَالَ القصيدُ
من الرثاءِ إلى النشيدِ
عذراً فقلبيَ لم يجدْ
مُتنفَّساً غيرَ القصيدِ
عذراً وإِنكَ لم تزلْ
حيّاً وغيبكَ كالشُهودِ[2]

تأريخُ سنةِ الوفاة

إلى النعيمِ والجنانِ العاليةْ
هَاجرَ سيِّدُ العيونِ الباكيةْ
لمنْ بكى على الحسينِ لحظةً
بيتٌ بجنّة الخلودِ الباقيةْ
فكمْ لمنْ بكاهُ طُولَ عُمْرهِ
من البيوت والقصورِ الزاهيةْ؟!
بدمعهِ المنصورُ أَرِّخْهُ: نجَا
لصدرهِ ضَمَّ الحسينُ باكيه[3]
ضياء السيد عدنان الخباز
1420/9/19هـ
قم المقدّسة

هوامش:

[1] كانَ واحداً من الأعراف الجميلة في مدينة (القطيف): أنَّ أهلها إذا مات أحد العلماء الأعلام يستمرون في إعلان الحداد عليه أربعين يوماً، فيعطّلون الأفراح ويؤجّلون الأعراس، وقد بدأ اختراق هذا العرف جليّاً بعد وفاة العلامة البيّات (طاب مثواه)، فكان مدعاة للاستنكار.

[2] نُشِرَت هذه القصيدة في كتاب: (العلّامة البيات شيخ المتهجّدين) الصفحة: 179.

[3] نُشِر هذا التأريخ أيضاً في كتاب: (العلّامة البيات شيخ المتهجّدين) الصفحة: 178.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *