العلامة الخطي معالم ومواقف

29-العلامة-الخطّي-معالم-ومواقف.pdf

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على أشرف بريته وأفضل خلقه محمد وآلهِ الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين أبد الآبدين.

كانت هذه السطور قبل أن تتحقّق في هذا الوجود الكتبي عبارة عن المجلس التأبيني الذي تشرّفتُ بطرحه في أحد مجالس الفاتحة العامة التي أقيمت تأبينًا لفقيد القطيف وزعيمها الراحل سماحة العلّامة الحجّة الشيخ عبد الحميد الخطّي (طابت في أعلى الجنان نفسه).

وقد طلب مني بعض من لا أقوى على ردّ طلبه أن أقوم بتحريرها وكتابتها، فاستجبت له شاكرًا ومقدّرًا، ورجائي أن أكون قد وفيتُ ببعض حقوقه (قدّس الله نفسه الزكية)، فإنَّ له من الحقوق الكثيرة ما يغمرني ويغمر غيري من أبناء مجتمعه، بالمستوى الذي يكون فيه وفاؤها وأداؤها من الأمور المتعسّرة بل المتعذّرة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمّد وآله الطاهرين، واللعن المستمر على أعدائهم وغاصبي حقوقهم أبد الآبدين.

ضياء السيد عدنان الخباز

القطيف/المدارس

الخميس 1422/10/5هـ

(جناحاكَ)[1]

جناحاكَ ما لانا وإن عصفتْ غضبا نفوسٌ تمنّت أن تقاسمك الشعبا
نفوسٌ على علياكَ حقدًا توثّبت وأنت الذي علّمت برعمَها الوثبا
وأنت الذي أسرجتَ حالِكَ دربِها ولكنَّها لم تنتهجْ نهجَكَ اللحبا
ولو أنَّها ألقت زمامَ أمورِها إليكَ لما تاهتْ وضيَّعتِ الدربا
وكنتَ وقد كانوا عليك خناجرًا تكلِّلهم عطفًا وتغمرهم حبّا
وإن أرشقوك القوم يومًا سهامَهم فتحتَ لهم من بين أضلاعِكَ القلبا

قم المقدسة

1421/12/14هـ

نقاط البحث:

جاء في الرواية عن سيدنا ومولانا وإمامنا علي بن محمد الهادي (عليه السلام): ((فلولا من يبقى بعد غيبة قائمنا من العلماء الداعين إليه والدالّين عليه، والذابين عن دين الله بحجج الله، والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب، لما بقي أحدٌ إلا ارتدّ عن دين الله))[2].

وعلى ضوء هذه الرواية الشريفة ستكون دراستنا لحياة العلّامة الخطّي وأبعادها المشرقة منصبّة في فصلين:

  • الأول: في تطبيق هذه الرواية الشريفة على شخصية العلّامة الخطّي (قدّس الله نفسه الزكية).
  • الثاني: وهو في بيان المعالم المشرقة التي تحلّت بها شخصية العلّامة الخطّي (أعلى الله في الخلد مقامه).

الفصل الأول: وظائف العالم.

وقبل الدخول في هذا الفصل لا بدّ من التنبيه على أمر ونحن نعيش مضامين هذه الرواية، وهو أنَّ الرواية الشريفة أولًا وبالذات في صدد بيان أهمّية دور الرجل العالم في الحياة، بحيث لولا الدور العلمائي لما بقي أحدٌ إلّا ارتدّ عن دين الله سبحانه وتعالى.

وثانيًا وبالعرض: تعرّضت الرواية الشريفة إلى المهام والوظائف والمسؤوليات التي يحملها الرجل العالم على عاتقه.

والذي نريد أن نخلص إليه: أنَّ هذه الرواية ما دامت قد تعرّضت لتحديد وظائف العالم ومسؤولياته – ومثلها من الروايات كثير – فلا مجال إذن لتحديد وظائف الرجل العالم بحسب الرؤية الشخصية والاستحسان الذوقي على وفق ما يتطلّبه الهوى وتجنح إليه النفس.

وعليهِ فبعد تحديد المعصوم (عليه السلام) وظائف العالم ومسؤولياته، لا يتسنّى لأحد من الناس أن يحدد وظيفة معيّنة للرجل العالم غير تلك الوظائف التي قام بتحديدها المعصوم (عليه السلام).

وقد تعرّضت هذه الرواية الشريفة إلى تحديد وظائف ثلاث يجب أن يقوم بها الرجل العالم، وهي:

الوظيفة الأولى: شدُّ الناس بأئمة أهل البيت (عليهم السلام) وتوثيق علاقتهم بهم، ولا سيما بإمام العصر وسلطان الزمان (عجّل الله فرجه الشريف)، وهذه الوظيفة تستفاد من قوله (عليه السلام): ((فلولا من يبقى بعد غيبة قائمنا من العلماء الداعين إليه والدالّين عليه)).

الوظيفة الثانية: الدفاع عن الدين، وهذه تستفاد من قوله (عليه السلام): ((والذابين عن دين الله بحجج الله)).

الوظيفة الثالثة: تحصين الذهنية الشيعية، وهذه الوظيفة تستفاد من قول الإمام (عليه السلام) في الرواية: ((والمنقذين لضعفاء عباد الله من شباك إبليس ومردته ومن فخاخ النواصب)).

وعندما ننطلق من خلال هذه الوظائف الثلاث لنسلّط الضوء على مسيرة العلّامة الخطّي (قدّس سرّه)، سنجد بأنه عليه الرحمة قد قام بأداء هذه الوظائف أحسن قيام، وللتدليل على ذلك فلننتقل من ضبابية الإجمال إلى شفافية التفصيل وجلائه لنطبّق هذه الرواية الشريفة على مسيرة العلّامة الخطّي وأدواره ومواقفه.

الوظيفة الأولى: شدُّ الناس بأهل البيت (عليهم السلام).

ولكلّ عالم في القيام بهذه الوظيفة أسلوب وأداء يختلف عن الآخر وقد يتّفقان، فبعضٌ يشدّ الناس بالمعصومين (عليهم السلام) من خلال بيان معارفهم وأحكامهم، وبعضٌ من خلال تطبيق مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) السلوكية والأخلاقية في حياته العملية على ضوء ما ورد عنهم: ((كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم))، وبعضٌ يشدّ الناس إليهم (عليهم السلام) من خلال الاهتمام المتزايد بالمجالس التي يُحيا فيها أمرهم (عليهم السلام)، من قبيل المجالس المعقودة لإحياء ذكرى سيد الشهادة والشهداء الحسين (عليه السلام)… إلى غير ذلك من مختلف الأساليب والوسائل.

والعلّامة الخطّي (طابت في أعلى الجنان نفسه) قد اجتمعت في شخصيته المباركة مختلف تلك الأساليب التي أشرنا إليها، فهو الرجل الذي لم يفتأ عن بيان معارف الأئمة (عليهم السلام) وأحكامهم، وهو صاحب الشخصية التي تحلّت بأسمى صفات الفضيلة وأروع سمات الخُلق الفاضل، فكان في سيرته وسلوكه وجودًا مرآتيًا لسلوك أهل البيت (عليهم السلام) وسيرتهم.

والذي أريد التركيز عليه في هذه النقطة – لغايةٍ أرومها – هو اهتمامه المتزايد بإحياء المجالس الحسينية، وسوف نلتقي عند هذا المنعطف بنقطتين مهمّتين:

الأولى: أهمية المجالس الحسينية في نظر العلّامة الخطّي.

ويستفاد مدى ما لهذه المجالس الشريفة من الأهمية بحسب رؤية العلّامة الخطّي من خلال أحد مقاطع رائعته الرائية في الإمام الحسين (عليه السلام) والمعنونة بعنوان (الصرخة الخالدة)، حيث يقول فيها:

أقول لمن غطّى على الصبح ليلُهُمُ ألا إنَّ صبحَ الحقِّ قد لاحَ مفترا
ويا أيّها النُشْءُ الجديدُ إصاخةً فأنت بما أنشدتَ دون الملا أحرى
أقِمْ هذهِ الذكرى كفرضٍ محتَّمٍ وثِق كلَّ مجدٍ أُسه هذهِ الذكرى
ولا تتّبع رهطًا عموا عن حقائقٍ وأنّى إلى الرمداءِ أن تبصرَ البدرا
فويلٌ لهم من عصبةٍ طاشَ سهمُهُمُ يحيلونَ وجهَ الصبحِ أسودَ مغبرّا[3]

وكما ترى فالعلّامة الخطّي (قدّس سرّه) من خلال هذا المقطع الرائع يوجِّه صرخته الخالدة للجيل الصاعد والنشء الجديد بضرورة الالتفاف حول المآتم الحسينية ولزوم إحيائها، حيث يراها (طيّب الله ثراه) بأنها هي الأساس والمنطلق لكلّ مجد وفضيلة وكرامة.

ولم يفتهُ (قدّس سرّه) وهو في صدد التنبيه على أهمية هذه المجالس أن ينبِّه في الوقت نفسه على فساد وانحراف الصرخات المنادية بتمييع المجالس الحسينية وتحجيم دورها الفاعل

الثانية: رؤية العلّامة الخطّي (قدّس سرّه) لعناصر المأتم الحسيني.

ففي الوقت الذي يحاول فيه البعض أن ينحو بالمنبر الحسيني منحى آخر ويتّجه به في الاتجاه المعاكس من خلال محاولات عصرنة المنبر ومسخ هويته المتألّقة، يركّز العلّامة الخطّي (قدّس سرّه) على أهمّية الحفاظ على واقع المنبر الحسيني المعاصر، وعدم الانتقال به من صورته الفعلية إلى صورة أخرى ممسوخة ومشوّهة.

ومن هنا فالعلّامة الخطّي المقدّس يرى بأنَّ المنبر الحسيني يجب أن تتوفّر فيه ثلاثة عناصر مهمّة:

العنصر الأول: معالجة القضايا الدينية، ومقصوده من هذا العنصر أن يعنى المنبر بقضايا الدين المعرفية بقسميها المعروفين، القضايا العقائدية، والقضايا الفقهية الفرعية، وما شابه هذه القضايا من أمور دينية ومعرفية.

العنصر الثاني: تركيز الطابع المأساوي، ومراده (قدّس سرّه) من هذا العنصر ألا يتحوّل المنبر الحسيني من طابعه المأساوي إلى طابع محاضراتي، بل يبقى منبر الحسين (عليه السلام) مأساة تذكي لهيب العواطف وتحرّك لغة المشاعر والأحاسيس، إلى جانب كونه قناة من قنوات الثقافة والمعرفة.

العنصر الثالث: تنزيه المنبر عن الترف الفكري، والذي يقصده (طيّب الله ثراه) من هذا العنصر هو عدم الاتجاه بالمنبر إلى القضايا البعيدة عن روح الإسلام، وتجريده عن صبغته الدينية والعقائدية، ومن ثمَّ تحويله إلى صحيفة صوتية متدفّقة بالمعلومات المختلفة حتى وإن كانت لا تمتّ إلى الإسلام بصلة [4].

وعلى ضوء توفّر هذه العناصر في المنبر الحسيني يصل المنبر حينئذٍ إلى مرحلة السمو والتكامل.

ولا ننسى ونحن في نهاية مطاف هذه النقطة أن نشير إلى مدى اهتمامه العملي بمجالس العزاء الحسيني، فلقد كان (قدّس الله نفسه) يعقد تلك المجالس في كل ليلة سبت في مسجده المبارك، ومتى ما أطلّ المحرم بأحزانه ومآسيه جدّد إثارة مصائبه وآلامه من خلال ما كان يعقده من المآتم، وكذلك هو ديدنه (طيّب الله تربته) طوال شهر رمضان المبارك.

فرحمه الله حسينيًا عشق الحسين (عليه السلام) واهتدى بهديه وسار على خطاه، وحشره الله مع أنصار الحسين وأصحابه

الوظيفة الثانية: الدفاع عن الدين.

وهذه من أهمِّ وظائف العلماء ومسؤولياتهم، فما داموا هم علماء الدين فالدفاع عنه هو مسؤوليتهم الأولى، وهذا ما ركّزت عليه الروايات كثيرًا وشدّدت عليه، فلقد ورد عنهم (عليهم السلام): ((علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلّط عليهم إبليس وشيعته النواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممن جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة، لأنه يدفع عن أديان محبينا، وذلك يدفع عن أبدانهم)) [5].

ومن تابع مسيرة العلّامة الخطّي (قدّس الله نفسه الزكية) وجد بأنه كيف حمل مسؤولية الدفاع عن الدين والذب عن حريمه على كاهله طوال عمره الشريف، ولسنا نريد أن نمرّ بجميع المواقف التي سجّلتها ذاكرة الوطن للعلامة الخطّي في الدفاع عن المرتكزات والثوابت الدينية، ولكن سنكتفي بذكر موقفين فقط من مواقفه المباركة.

الموقف الأول: موقفه من حركة المدّ الشيوعي.

وقد برز موقف العلّامة الخطّي (أعلى الله في الخلد درجته) عندما تصاعدت حركة هذا التيار المنحرف، وبدأ يغزو بأفكاره المسمومة ذهنية العالم الإسلامي، فتحرّك الكيان المرجعي عند الشيعة لمواجهته وتأصيل المرتكزات والمبادئ الدينية والعقائدية، فكانت الفتوى الشهيرة لزعيم الشيعة في وقته الإمام الحكيم (قدّس سرّه): (الشيوعية كفرٌ وإلحادٌ) والتي عصفت بكيان الشيوعية الفاسد وكان لها كبير الأثر في الإطاحة بذلك الكيان وزعزعة أركانه.

وتجاوبًا مع هذه الحركة المباركة للكيان المرجعي برز موقف العلّامة الخطّي (قدّس سرّه) على مستوى المنطقة – والتي لم تسلم هي أيضًا من غزو تلك الحركة الفاسدة – فكان له دوره الكبير في صدِّ أفكار هذه الحركة المسمومة وتأصيل مفاهيم الدين ومبادئه في فكر الجيل الناشئ.

وقد استفاد العلّامة الخطّي (قدّس سرّه) من موهبته الشعرية في مواجهة هذا التيار وأفكاره، فتقرأ له مثلًا مقطوعته التي يقول فيها:

الشيوعيٌّ له نابٌ وظفرٌ كالغضنفرْ
ولهُ طبعٌ غليظٌ وفؤادٌ قد تحجّرْ
ولهُ صوتٌ مخيفٌ مثلُ صوتِ العيرِ منكرْ
ومنَ الذئبةِ أدهى ومنَ الثعلبِ أمكرْ([6])

وتقرأ له أيضًا مقطوعة أخرى في نفس الاتجاه حينما زحف المدّ الأحمر على النجف الأشرف، وتعرّض الكيان المرجعي المتمثّل في الإمام الحكيم (أعلى الله مقامه) لهجمة شرسة وعنيفة من قبل الشيوعيين، فجادت قريحته بهذه القصيدة:

يا لها من ثورة باغية راعتْ الآمنَ في دار السلامِ
نكبتْ عن دربها سمح الخطى وتمادت في متاهاتِ الأثامِ
هرةٌ قد أكلت أبناءها وانتشت من دمهم لا بالمدامِ
مال (ناجٍ) ولإخوان له أبعدوا من غير ذنب واجترامِ
والغري الطهر ساموه أذى واستباحوا فيه حرماتُ الإمامِ [7]
اسألوهم (نازك) فيما جنت أفيخشون أغاريد اليمامِ
إنني أعذرهم في خوفهم فشعور الخوف طبع في الحرامي
أين أترابي وأحبابي الأولى كالصبا خلقًا وجودًا كالغمامِ
كالشذا عرفًا وقلبًا كالسنى كالضحى هديًا وعزمًا كالحسامِ
من أديبٍ كاتبٍ فذٍ ومن شاعرٍ بكر المعاني ومحامِ
إنهم بين شريدٍ لاجئٍ أو على الأعواد أو رهن الظلامِ
كلُ ذنبٍ لهمُ إنهمُ لم يُقروا عيث أنصار السلامِ
أقفرت بغداد من أحرارها وغدت تفهق بالجيش الطغامِ
عوضت لهفي لها عن عيدها مأتمًا يبكي على الدم الحرامِ
هبط الأحمر ليلًا فوقها كجرادٍ عاثَ أو موتٍ زؤامِ [8]
الموقف الثاني: موقفه في تثبيت الشهادة الثالثة.

للدخول في الحديث حول موقف العلّامة الخطّي (قدّس سرّه) هذا، من المناسب أن نمرّ سريعًا برحلة الرحّالة الشهير (ابن بطوطة) لنشاهد بعض الصور التي رسمها لبلاد القطيف وتحدّث عنها بقوله: ((ثم سافرنا إلى مدينة القطيف، (وضُبطَ اسمها بضم القاف)، كأنه تصغير قطف، وهي مدينة كبيرة حسنة ذات نخل كثير يسكنها طوائف العرب، وهم رافضية غلاة، يظهرون الرفض جهارًا لا يبقون أحدًا، ويقول مؤذّنهم في أذانه بعد الشهادتين: أشهد أنَّ عليًا ولي الله، ويزيد بعد الحيعلتين: حي على خير العمل، ويزيد بعد التكبير الأخير: محمد وعلي خير البشر من خالفهما فقد كفر)) [9].

وهكذا رسم لنا ابن بطوطة بعض ملامح القطيف الولائية في برهة تاريخية متقدّمة، وذلك بالتحديد إما في العام الواحد والثلاثين بعد السبعمائة من الهجرة النبوية على مهاجرها وآله أفضل السلام والتحية، وإما في العام الذي يليه مباشرة (732هـ).

والمتحصِّل من هذا النصّ أو فقل من هذه الوثيقة التأريخية: أنَّ شعار الشهادة الثالثة له امتدادٌ متجذّرٌ في تأريخ المنطقة الغابر.

وقد مرّ هذا الشعار كغيره من الشعارات الدينية بعدّة إرهاصات طائفية ومجموعة من محاولات الإعدام والإبادة، ولكنّه بقي خالدًا كخلود صاحبه والمدوي باسمه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

وكان من أبرز وجوه المدافعين والمتفانين دون ديمومة هذا الشعار وخلوده هو سماحة العلّامة الراحل الشيخ عبد الحميد الخطّي (طيّب الله ثراه)، فلقد كانت له مواقف مشكورة وخالدة في هذا المجال، في الوقت الذي تنازل فيه الآخرون بكلّ يسر وسهولة مدّعين أنَّ هذا الشعار لا يعدو أن يكون أمرًا مستحبًا لا ينبغي إثارة الآخر من أجله.

وقد غاب عن ذهن هؤلاء المساكين أنَّ خطوة واحدة في طريق التنازل عن العقائد والشعارات الحقّة ستتبعها خطواتٌ وخطواتٌ، وهذا يعني الوصول إلى مرحلة خطيرة لاحقة تندثر فيها كلّ الشعارات الإعلامية وتتلاشى، وهذا ما لم يغب عن ذهن العلّامة الخطّي وفكره الثاقب ورؤيته العميقة لحظة واحدة.

هذا بالإضافة إلى أنَّ الشهادة الثالثة لم تعد مجرّد أمر مستحب وكفى، بل هي كما يقول سيد الفقهاء الحكيم (أعلى الله مقامه الشريف) في كتابه (مستمسك العروة الوثقى): ((بل ذلك أي الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان في هذه الأعصار معدودٌ من شعائر الإيمان ورمزًا إلى التشيع، فيكون من هذه الجهة راجحًا شرعًا، بل قد يكون واجبًا)) [10].

ويقول أستاذ فقهاء العصر السيد الخوئي (أعلى الله مقامه الشريف): ((بل الشهادة بالولاية مكمِّلةٌ للشهادة بالرسالة، فكما أنَّ الإيمان بالله وبرسوله (صلى الله عليه وآله) لا يتمّ إلا بالإيمان بالولاية، لأنّه بها كمل الدين وتمّت النعمة، فكذلك لا تتمّ الشهادة بالرسالة، وقد جرت سيرة العلماء والأبرار على الشهادة بالولاية في الأذان والإقامة لا بقصد الجزئية منذ عهد بعيد من دون نكير من أحدهم حتى أصبح ذلك شعارًا للشيعة ومميّزًا لهم عن غيرهم، ولا ريب في أنَّ لكلّ أمة أن تأخذ ما هو سائغٌ في نفسه بل راجحٌ في الشريعة المقدّسة شعارًا لها)) [11].

فالشهادة الثالثة على ضوء كلمات هذين العلمين خرجت من مرحلة كونها أمرًا مستحبًا – يخيّر الإنسان بين فعله وتركه – إلى مرحلة (الشعار) الذي يجب على الجميع المحافظة عليه وصيانته من الضياع والاندثار.

ولو لم يكن للعلّامة الراحل (عطّر الله مرقده) إلا هذان الموقفان لكان ذلك كافيًا في أن يكون (طاب ثراه) أحد الذين يتصدّرون سلسلة علماء ثغور الإسلام، كيف ومواقفه الشجاعة في الدفاع عن الشيعة والتشيّع فوق حد الحصر والإحصاء

الوظيفة الثالثة: تحصين الذهنية العامة عن مزالق الانحراف.

وهذه المسؤولية هي الأخرى من أهمّ المسؤوليات المناطة بعلماء الدين والشريعة، ولأهمّيتها يلحظ الإنسان المتتبّع لنصوص المعصومين (عليهم السلام) تركيزًا مكثّفًا وتأكيدًا بالغًا عليها.

فعن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): ((أشدّ من يتم اليتيم الذي انقطع عن أبيه يتم يتيم انقطع عن إمامه ولا يقدر على الوصول إليه، ولا يدري كيف حكمه فيما يبتلي به من شرائع دينه، ألا فمن كان من شيعتنا عالمًا بعلومنا وهذا الجاهل بشريعتنا المنقطع عن مشاهدتنا يتيم في حجره فهداه وأرشده وعلّمه شريعتنا كان معنا في الرفيق الأعلى)) [12].

وجاء عن إمامنا الكاظم (عليه السلام): ((فقيهٌ واحدٌ ينقذ يتيمًا من أيتامنا المنقطعين عنّا وعن مشاهدتنا بتعليم ما هو محتاجٌ إليه أشدّ على إبليس من ألف عابد)) [13].

فالروايات كما لاحظنا تولي هذه المسؤولية اهتمامًا بالغًا جدًا، ومن هذا المنطلق جاءت أدوار العلّامة الراحل ومواقفه لتعكس مدى اهتمامه بمسؤولية التحصين، وسوف نكتفي في هذه الدراسة المختصرة بالتركيز على أربعة أدوار من أدواره المتعدّدة في هذا المجال:

الدور الأول: التنقّل بين الأرياف والقرى.

 فلقد كانت للشيخ (أعلى الله مقامه الشريف) رحلات موسمية إلى بعض قرى القطيف وأريافها، وكانت الغاية المنشودة من هذه الرحلات تصبّ في توعية أبنائها وإرشادهم إلى سبل الحق والهداية وإبعادهم عن متاهات الضلال والغواية.

ولم يكن الشيخ الراحل لينقطع عن رحلاته هذه رغم ما تختزنه من المتاعب والمشاكل لولا تصدّيه لمنصب القضاء العادل الذي صادر منه الكثير من مساحة وقته وتفرّغه

الدور الثاني: إرشاد الحجيج والمعتمرين.

 وهذا الدور تصدّى له العلّامة الخطّي (قدّس سرّه) على مدى اثنين وعشرين عامًا، ولم يكن دوره في الإرشاد محدودًا بفقه الحج وفروعه فقط، بل كان مستوعبًا وشاملًا لأكثر مسائل الفقه الابتلائية

الدور الثالث: البحث المسجدي.

وهو من أبرز أدواره، حيث كان يبذل قصارى جهده من خلال بحثه المسجدي الذي كان مقصورًا على بيان الفروع الفقهية والمسائل المرتبطة بحياة المكلّف العملية في إطار أفعاله وتروكه، من أجل إعداده إعدادًا كاملًا لموقف المساءلة في الآخرة، حيث ((يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقال له: هلّا عملت؟ فيقول: لم أعلم! فيقال له: هلّا تعلمت)) [14].

وهذا ما جعله يؤكّد اهتمامه بهذا الجانب المعرفي في الوقت الذي أصبح ينادي فيه بعض دعاة الانفتاح بضرورة تهميش بحوث الدماء الثلاثة وأحكام السهو والشكوك وأمثالها من الأحكام الفرعية الابتلائية، والتعويض عنها بطرح البحوث التربوية والاجتماعية ومعالجتها، وقد غاب عن ذهن هؤلاء المساكين أنَّ أمثال هذه القضايا والبحوث بداية ونهاية تدور في إطار دائرة الفقه والتشريع

الدور الرابع: الكتابة والتأليف.

وهذا الدور الأخير وإن لم يكن في سعته بسعة الأدوار المتقدّمة، ولكنّه نال نصيبه من حياة العلّامة الخطّي (طاب ثراه)، خصوصًا فيما يتعلّق بثقافة التحصين الفكري والعقائدي، فلقد كتب مقالًا حول الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)، وكتب مقالًا آخر حول الصدّيقة الشهيدة السيّدة الزهراء (عليها السلام)، ومن مقالاته التي كتبها أيضًا مقال بعنوان (الصوم والغاية من تشريعه).

هذا بالإضافة إلى الكثير من البحوث والمقالات التي كانت تعنى بالمناقشات في الشؤون المذهبية ومعالجة الشبهات المثارة حول عقائد الشيعة المحقّة، ولكنّها وللأسف الشديد بسبب عدم جمعها تعرّضت للتلف والضياع [15].

الفصل الثاني: المعالم المشرقة في حياة العلّامة الخطّي.

وهذا الفصل فصلٌ كبيرٌ في حياة العلّامة الخطّي (قدّس سرّه) والبحث حوله واسع النطاق، فإنَّ من كان كبيرًا في كلّ معانيه أنّى لليراع القاصر أن يحيط بكلّ معالم شخصيته دراسةً وتحليلًا، ولكن من منطلق قاعدة (ما لا يُدْرَك) سوف نقصر البحث في هذا الفصل على ثلاثة معالم هي من أهمّ معالم شخصيته المباركة:

المعْلَم الأول: استثمار الوقت والاستفادة منه.

وهذا المعلم يكاد أن يكون واضحًا وجليًا لكل من كان على اطّلاع وإحاطة ببرنامج العمل اليومي الذي كان يؤطِّر حياة العلّامة الخطّي (قدّس سرّه)، فلقد كان (رحمه الله) يبدأ يومه في كلّ صباح بالجلوس على كرسي القضاء لمعالجة قضايا الناس وحلِّ مشاكلهم، حتى إذا أذّنَ عليه أذان الظهر وحان وقت الزوال يمّمَ بروحه الوثّابة وجسده المنهك نحو المسجد ليقيم صلاة الجماعة فيه من غير ملل ولا ضجر، ومتى ما انتهى من الصلاة جلس في محرابه للإجابة عن أسئلة السائلين ومعالجة قضايا المتخاصمين، وإنهاء المعاملات الشرعية، ولا سيّما ما يتعلّق منها بقضايا الفسخ والطلاق.

وبعدها يعود إلى بيته ليتناول طعام غدائه ويستريح قليلًا، ثم لا يلبث حتى يأتيه أحد الشباب المؤمنين ليقرأ عليه ما يلتذّ به فكره وعقله من الكتب والمؤلّفات، ومتى ما انتهى الوقت المحدّد للبحث والقراءة خرج ليذهب إلى أحد المجالس الأدبية والعلمية التي كان يرتادها عصر كلّ يوم غالبًا، وكان النصيب الأوفى لمجلس أخيه العامر (مجلس الشاعر الكبير محمد سعيد الخنيزي) حيث كان يرتاده في أكثر أيام الأسبوع، وفيه كانت تدور المساجلات الشعرية والأدبية، وتثار المسائل العلمية والثقافية، والأحاديث الاجتماعية والوطنية.

ويستمر هذا المجلس حتى يحين وقت صلاة المغرب، حينها يتوجّه العلّامة الخطّي مرة أخرى شطر مسجده المبارك ليؤدّي فيه الصلاة جماعة، وبعد إتمامه الصلاة يشرع في بحثه الفقهي الذي تقدّم الحديث حوله، ومتى ما انتهى منه لا تتحرّك قدماه من أرض المسجد حتى يعالج مشكلة هنا وينهي معاملة هناك من غير أن يتأفّف أو ينزعج.

ويعود بعدها لبيته ليذوق من طعم الراحة قليلًا، ولا أظنّه قد ذاقه يومًا من الأيام، لأنه لا يلبث حتى يفتح أبواب صدره الرحب قبل أن يفتح أبواب مجلسه المسائي ليستقبل جماهير الناس مع كلّ ما يحملونه إليه من المشاكل والقضايا التي كان لا يأنس حتى يقوم بحلّها ومعالجتها.

ومتى ما تشرّفت بالدخول عليه في هذا المجلس المبارك وجدته مشغولًا بإجراء صيغة عقد نكاح، أو مجيبًا عن أسئلة سائلين، أو مصغيًا لقارئ يقرأ عليه مقالًا أو كتابًا، أو منقطعًا إلى ربّه تعالى بالذكر والتسبيح يستخير الله سبحانه لمن كان يطلب منه ذلك.

وعند الساعة التاسعة من مساء كلّ يوم يتشرّف من كان باقيًا في مجلسه الشريف بتقبيل غرّته النوراء ولثم أنامله المباركة ليعود الشيخ الراحل داخل البيت حاملًا في قلبه المنهك هموم الآلاف من الناس وجراح مجتمع بأكمله، حيث يستجم الناس الراحة في منامهم ويخلّفونه من ورائهم ساهر الجفن لا ينام.

هكذا أدركتُ العلّامة الخطّي (طاب ثراه) ورأيتُه في سنوات عمره الأخيرة، ولم ينقطع من برامجه هذه إلا بحثه الفقهي في آخر سنوات عمره المبارك، ولكنه لم يترك مساحته الزمنية شاغرة، بل ملأها ببقية البرامج الأخرى التي كان يمارسها ويتداولها كلّ يوم.

وهو بهذا (قدّس الله نفسه الزكيّة) يعلّمنا ويعلّم الأجيال الناشئة كيف يجب أن نعيش ثقافة استثمار الأوقات وننمّيها في حياتنا العملية وواقعنا الخارجي. وفي نهاية الحديث حول هذا المعلم فلنصغِ إليه (قُدّس سرّه) وهو يهمس في آذاننا بقوله:

يا نشء يؤلمني أراك طريدة نبذتك خلف ظهورها الأيامُ
لولا التفكر في مصيرك لم أبت متململًا ملء الفراش ضرامُ
يا نشء زاحم في الحياة فإنما هذي الحياة معارك وزحامُ
شمّر ثيابك لا تكن متوانيًا فرص تعن وما لهن دوامُ [16]

المعْلَم الثاني: توظيف المواهب من أجل الإسلام.

والحديث عن هذا المعلم الشاخص في حياة العلّامة الخطّي (طيّب الله ثراه) يجرّنا للحديث عن مأساة مؤسفة يعيشها بعض أصحاب المواهب في بلادنا القطيف، فنحن في الوقت الذي نجد فيه التشيّع بأمس الحاجة إلى توظيف المواهب وتجنيد الطاقات من أجله – لاسيّما في هذه المرحلة الزمنية البائسة – نجد أنَّ الكثير من المواهب الفنّية كالرسم والشعر والقلم تتبعثر ما بين مجموعة من الأغراض والموضوعات التي لا تعود بالمزيد من الفائدة على العقيدة والمجتمع.

ولنسلّط الضوء سريعًا من وحي هذه المناسبة على موهبة الشعر المتدفّقة في بلادنا المحروسة، فنحن الآن لدينا كمٌّ هائلٌ من النتاج ودواوين الشعر المطبوعة، ولكنّنا عندما نقوم بالتنقيب في هذا النتاج بحثًا عن الشعر الذي تصبّ أغراضه في خدمة التشيّع والمجتمع سوف نخرج بنسبة ضعيفة جدًا لا تتلاءم مع حجم النتاج وسعته.

ومن المؤسف جدًا ما عليه الآن بعض أعلام الأدب والثقافة من استهجان الأدب الديني وتهميشه، والحال أنَّ مشروع الإبداع ليس محدودًا بدائرة ما سوى الأدب الديني والإسلامي.

والمتأمِّل في سيرة العلّامة الخطّي العملية وكيفية تعامله مع الموهبة الشعرية السيّالة عنده يلمس بوضوح كيف استطاع (طاب ثراه) أن يجعلها منطلقًا لخدمة دينه ومبادئه وما يعود بالصالح العام على مجتمعه.

فالموهبة عنده (قدّس سرّه) لم تتبعثر، بل وُظِّفت تمام التوظيف لخدمة أهل البيت (عليهم السلام) وإيضاح فكرهم والتركيز على مبادئهم.

وهذا ما يلحظه كلّ من يقوم بجولة سريعة في التراث الشعري الذي خلّفه العلّامة الراحل، حيث سيجد أنَّ أغلب الأغراض التي طرقها العلّامة في شعره تصب في خدمة الدين والمبدأ والمجتمع.

وإطلالة سريعة على القسم الذي أفرده الأستاذ لؤي سنبل (وفّقه الله) لشعر العلّامة الخطّي من كتابه (العلّامة الخطّي تأريخ مشرق) تكفي للتدليل والبرهنة على ما أشرنا إليه وتحدّثنا عنه.

ولعلَّ فيما تقدّم ذكره في طيّات نقاط هذا المقال من الشواهد والمقطوعات الشعرية ما يفي لإثبات ما ادّعيناه.

المعْلَم الثالث: الثبات على خط الاستقامة.

وسوف أتحدّث عن هذا المعلم من خلال معاشرتي الشخصية له (قدّس سرّه)، فلقد عاشرته ولمدة سنوات عشر قبل أن يرحل إلى الرفيق الأعلى، ولقد كانت هذه السنوات العشر الأخيرة حبلى بالكثير الكثير من الأحداث الجسام والمتغيّرات الاجتماعية، ولاسيّما فيما يتعلّق بصراع المرجعية ومشاكل الاختلاف.

وقد تمخّض عن هذه السنوات ما لا نزال نعيش تحت وطأة ألمه وشدّة وقعه من الاختلافات والصراعات العنيفة، ولقد كان من الطبيعي لكلّ من كان يتعايش مع هذه الأحداث والمتغيّرات أن يتفاعل معها ويخضع لمجرياتها.

وفي خضم هذه الأحداث تجلّت (صلابة الموقف) عند العلّامة الخطّي و(الثبات بقوة الحديد على خط الاستقامة)، ففي الوقت الذي رأينا فيه البعض يتلوّن كما تتلوّن الحرباء طبقًا للمستجدّات والمتغيّرات، وجدنا العلّامة الراحل من أجلى مصاديق الثبات على خط الاستقامة في زمن المتغيّرات.

فكان مجلى الاستقامة الأتمّ في عاطفته وحبّه أولًا، وفي سلوكه وأفعاله ثانيًا، وفي عقيدته وفكره ثالثًا، حتى قضى حياته الشريفة من خلال تسعين عامًا عاشها على وتيرة واحدة ما رأيناه حاد عنها لحظة واحدة رغم كلّ الظروف والأحداث، ومثله حريٌ بأن يقال عنه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}.

وعند هذا المعْلَم الكبير من معالم شخصيته المباركة أجد قلمي عاجزًا عن المضي لاستجلاء بقية معالمه وسماته، وأسأل الله تعالى شأنه أن يقيّض لهذه الشخصية الفذّة ولأمثالها من يقوم بدراسة حياتهم من الباحثين والمفكّرين دراسةً تحليليّةً وافيةً تجلّي معالمهم ومواقفهم وفاءً لبعض حقوقهم.

والسلام على شيخنا الراحل يوم وُلِد ويوم مات ويوم يُبْعَث حيًا، وصلّى الله على أشرف بريته وأفضل خلقه محمّد وآله الطاهرين، واللعنة المؤبّدة على أعدائهم أجمعين، والحمد لله ربّ العالمين.


يا صانعَ الشعر[17]

أتلوكَ ما بينَ أفراحي وأحزاني كأنَّ حرفَكَ من آياتِ قرآني
وأستثيركَ جرحًا نابضًا بدمي كأنّ جرحكَ يسري وَسْطَ شرياني
وأستميحكَ عذرًا أن أبوحَ بها مرثيةً نسجتها كفُّ أشجاني
فأنتَ من أنتَ لا ترثى بقافيةٍ وإنّما حتى وإن نمتَ في أحضان كثبانِ
جئتُ أرثي فيكَ مجتمعًا باتت سفينتهُ من غير ربانِّ
يا صانعَ الشعرِ في آفاقنا ألقًا الشعرُ يشهدُ أنتَ الصانعُ الباني
انفخْ بروحكَ في موتى الحروفِ تجدْ موتى الحروفِ تدوّي مثلَ بركانِ

الهوامش:

[1] مقطوعة للكاتب نظمها بمناسبة استقالة الشيخ (قدّس سرّه) من منصب القضاء وما اقترن بها من أحداث.

[2] بحار الأنوار، للعلامة المجلسي، ج2 ص6.

[3] شعراء القطيف، للشيخ علي المرهون (رحمه الله)، ج2 ص65.

[4] العلّامة الخطّي تأريخ مشرق، للأستاذ لؤي سنبل، ص151.

[5] بحار الأنوار، ج2 ص5.

[6] العلّامة الخطّي تأريخ مشرق، ص250.

[7] إشارة إلى السيد الحكيم (قدّس الله نفسه الزكيّة).

[8] العلّامة الخطّي تأريخ مشرق، ص 199.

[9] رحلة ابن بطوطة، ص287.

[10] مستمسك العروة الوثقى، للسيد الحكيم (قدّس سرّه)، ج5 ص545.

[11] شرح رسالة الحقوق، للسيد حسن القبنجي، ج2 ص127.

[12] بحار الأنوار، ج2 ص2.

[13] بحار الأنوار، ج2 ص5.

[14] النظام التربوي في الإسلام، للقرشي، ص165.

[15] العلّامة الخطّي تأريخ مشرق، ص105.

[16] العلّامة الخطّي تأريخ مشرق، ص239.

[17] مقطوعة للكاتب في رثاء العلّامة الراحل (قدّس الله روحه الطيّبة).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *