س: سيدنا هل موجود عندنا في الروايات أن الحيوانات مثل الخيول والنياق التي شاركت في واقعة الطف حصل لها عقاب دنيوي أم المذكور في شأنها أمر تاريخي لا ذكر له في الروايات؟
الجواب
ج: إجابة عما سألتم عنه لا بد من التقديم بثلاث مقدمات :
الأولى : إن التكليف له شرائط عامة وخاصة ، فمن قبيل الثاني شرط الوضوء للصلاة مثلاً ، فإنه شرط لها وليس شرطاً للصيام أو الزكاة ، ومن قبيل الأول شرط القدرة ، فإنها من الشرائط المعتبرة في جميع التكاليف ؛ إذ لا يصح تكليف العاجز عقلاً بأي تكليف ، ومن هذا القبيل أيضاً شرط العقل والإدراك ؛ إذ لا يصح عقلاً تكليف غير العاقل بأي تكليف كان .
الثانية : إن للحيوانات جميعاً حظاً من الإدراك ، ويشهد لذلك بل يدل عليه قوله تعالى : ( وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم ) ؛ إذ لو لم تكن الحيوانات تملك حظاً من الإدراك والتعقل لم تكن مكلفة بالتسبيح ، بل لم تكن قادرة عليه .
الثالثة : إن صحة التكليف مستتبعة لصحة الجزاء ، سواء كان الجزاء دنيوياً أم أخروياً ، وبما أن الحيوان قد صح تكليفه فإنه بلا ريب يصح عقابه إما في الدنيا أو الآخرة ، ويشهد لذلك من الروايات الشريفة صريح قول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( ما من طير يصاد إلا بتركه التسبيح ) .
ومن الآيات الكريمة قول الله تبارك وتعالى : ( وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون ) فإن حشر الحيوانات إنما يراد به تنعيمها أو تعذيبها ، وليس يصح هذا لولا كونها مكلفة .
وبمقتضى هذه المقدمات الثلاث يقال : إنه لا شك في استحقاق النياق والخيول – التي شاركت باختيارها في قتل سيد الشهداء ( عليه السلام ) والتمثيل بجسده الطاهر – للعقاب ، ولكنني بحسب الفحص العاجل لم أجد ما يدل على وقوع ذلك في هذه النشأة ، ولعل الله تعالى قد أرجأ عقابها إلى الآخرة .
والحمد لله رب العالمين