س: ما المقصود بأسرار آل محمد التي يطلب عدم إذاعتها؟ وهل هي سارية إلى هذا الزمان؟
وقد ذكر السيد الخوئي في [التنقيح: ج5، ص277] ما نصّه:
”وأما إذاعة أسرارهم، وكشف الستر عن خصوصياتهم، ومزايا شيعتهم عند العامة، أو غيرهم، فهي محرمة في نفسها، فإن الكشف عن أسرار الأئمة للمخالفين أو غيرهم مرغوب عنه، بل أمر مبغوض، وقد نهي عنه في عدة روايات”.
كيف والزيارة الجامعة تذكر بجلاء تلك المقامات العالية؟
الجواب
ج: الذي يظهر بالتأمل في القرائن المحتفة بالروايات الناهية عن إذاعة السر : أن السر يُستعمل فيها بمعنيين :
المعنى الأول : المعاني التي تتسبب إذاعتها في تنفير الآخرين من أهل البيت عليهم السلام ، ويشمل هذا المعنى كل ما أعطاه الله تعالى آل محمد من الكمالات والمقامات الغيبية .
المعنى الثاني : المعاني التي تتسبب إذاعتها في إزهاق أرواح الشيعة وإراقة دمائهم ، ولعلّ من هذا القبيل مسألة البراءة من أعداء أهل البيت عليهم السلام ومثالب أعدائهم .
والذي يقرّب تعدد معاني كلمة ( السر ) المنهي عن إذاعته هو اختلاف لسان الروايات في تعليل النهي ، فإنّ بعضها قد عُلل فيه النهي بـ ( عدم تنفير الناس ) ، وعُلل في بعضها الآخر بـ ( لزوم التقية ) .
ولا شك أنّ لروايات النهي عن الإذاعة إطلاقاً أزمانياً ، فلا وجه لتخصيصها ببعض الأزمنة ، غاية الأمر أنها قد لا تنطبق في بعض الأزمنة أو الأمكنة من جهة عدم تحقق موضوعها ، وهو السر ، ضرورة أن بعض المعارف لم تعد تحتفظ بخصوصيتها ، مما سلبها عنوان السر ، فلا تشملها حينئذ روايات النهي لعدم الموضوع ، لا لقصور الإطلاق ، كما هو ظاهر .
ولا عجب في انتهاء بعض الأسرار للمخالفين ، لتساهل بعض الشيعة في مسألة الكتمان منذ زمن المعصومين عليهم السلام ، حتى ورد عنهم في حق بعض الشيعة : إنه قد أذاع السر ، فأذاقه الله حرَّ الحديد .
بل يظهر من إحدى الروايات الشريفة أنهم عليهم السلام قد تعمدوا إيصال بعض تلك الأسرار لأعدائهم ، معللة ذلك بقولها : ( ليكون ذلك دفعاً عن أوليائه وأهل طاعته ، ولولا ذلك ما عُبد الله في أرضه ) .