س : وردت هذه الرواية في البحار، فما هو الشيء الذي يريد الإمام أن ندركه من هذه الرواية، وهل الملائكة تعرق؟ عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده قال : قال رسول الله: معاشر الناس ، أتدرون لما خلقت فاطمة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : خلقت فاطمة حوراء إنسية لا إنسية، وقال : خلقت من عرق جبرئيل ومن زغبه. قالوا : يا رسول الله ، استشكل ذلك علينا ، تقول : حوراء إنسية لا إنسية . ثم تقول : من عرق جبرئيل ومن زغبه ! قال : إذاً أنبئكم : أهدي إلى ربي تفاحة من الجنة، أتاني بها جبرئيل عليه السلام، فضمها إلى صدره فعرق جبرئيل، وعرقت التفاحة ، فصار عرقهما شيئاً واحداً .
بسم الله تعالى أبدأ ، وبمدد الزهراء أستعين
جاء في حديث المعراج الشريف ( فوضع يده بين كتفي ، فوجدت بردها على كبدي ) ، وفي هذا الحديث عدة من الدلالات الرمزية ، ومنها : أن العنصر الناري لا وجود له في عالم الجنة ، بل هو من عناصر هذه النشأة .
وبمقتضى ذلك فإنه عندما يتنزل شيء من ذلك العالم إلى عالم الملك تحصل مدافعة بين سنخ وجوده وسنخ وجود هذه النشأة ، وتكون لذلك بعض الآثار والتجليات ، ومن ذلك ما حصل عند تنزل جبرائيل عليه السلام بالوجود الملكوتي للصديقة الطاهرة ( عليها السلام ) إلى عالم الملك ، فإنه قد ظهر التدافع على هيئة النداوة التي يفرزها التقاء الجسم البارد بحرارة العناصر النارية .
ومن اللطيف جدا تجلي أثر الالتقاء بين وجودها الملكوتي عليها السلام وهذا العالم على هيئة النداوة – والتي عبر عنها الخبر بالعرق – فإن النداوة تعني اللطف وجمال المنظر ، كما هو المشاهد في الموجودات المحسوسة ، وفي هذا رمزية وإيماء إلى شمول ألطاف الزهراء ( عليها السلام ) لهذا العالم ، وإسباغها سمات الجمال عليه ، والله العالم .