بعدَ الفرزدقِ ماذا ينطقُ الكَلِمُ
فالشعرُ مهما ارتقى في جنبهِ قزمُ
لكنَّ حسبيْ مجاراتيْ لأحرُفهِ
إِذْ حقَّ أنْ تتبارى هَا هُنا الهِمَمُ
هذا الذي تعرفُ الأملاكُ طَلْعَتَهُ
والعرشُ يعرِفُهُ واللوحُ والقلمُ
هذا الذي يتمنَّى العرشُ أنَّ لهُ
على درانيكهِ حَطَّت لهُ قَدَمُ
هذا الذي نورُهُ مِن نورِ خَالقهِ
فالكونُ – واللهِ – لولا نورُهُ عدَمُ
هذا الذي خُلِقَتْ مِن نورِ غُرَّتهِ
شمسُ الضحى فانجلَتْ عن أفْقِها الظُّلَمِ
هذا الذي الأنبيا لولاهُ ما خُلِقُوا
فإنَّه المنتهى مِن خَلْقِ كُلِّهمُ
هذا الذي ازدانت الدنيا بمولدهِ
وكيفَ لا وأبوهُ السِّبطُ يبتسمُ
هذا الذي الزهدُ والتقوى شمائِلُهُ
والعِلمُ والحِلمُ والإيثارُ والكرمُ
هذا الذي مُذْ تسامى في عبادتهِ
للعابدينَ جميعاً صَارَ زَينَهُمُ
هذا أبو الثَّفِنَاتِ الغُّرِ مَا سَطَعَتْ
إلا اهتدى بسناها العُرْبُ والعَجَمُ
هذا الذي إِنْ دَعَا شقَّ السماءَ بهِ
شَقًّا فأملاكُها في طوعهِ خَدَمُ
هذا الذي بَعَثَ الإنجيلَ حينَ دَعَا
وآلَ داودَ قد أحيا زَبُورَهمُ
بَلْ ما الزبورُ وما الإنجيلُ مِن صُحُفٍ
بمثلها ما جرى في لوحهِ القلمُ
أختُ الكتابِ الذي للمسلمينَ أتى
مِن السماءِ ولولاهُ أتت لَهمُ
فإنّها مِثْلُهُ وحيٌ ومعجزةٌ
عن مثلها – لو تحدَّت – تقصرُ الأُممُ
هذا الذي في غَدٍ تُرجَى شفاعتُهُ
فَهْوَ الذي حُبُّهُ مَنْجَىً ومُعتَصَمُ
هذا الذي جنَّةُ الفردوسِ في يدهِ
وكيفَ لا وهيَ جزءٌ منهُ مُنقَسِمُ
هذا الذي يتخطّى الخلقَ قاطبةً
إِِنْ في القيامةِ نُودوا أينَ زَيْنُكُمُ
هذا الذي افتُتِحَت دنيا الوجودِ بهِ
وهو الذي بيديهِ الأمرُ يُختَتَمُ