بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحِيمِ
﴿الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئكَ عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾
بمنَاسَبةِ رَحيلِ الرَجُلِ المَلَكُوتي، سَمَاحةِ العَلامَةِ الجَليلِ، الشيخِ عَليٍ المَرهُونِ (رِضوانُ اللهِ تعالى عَليهِ) أتقدمُ بأحرِّ التعازي القَلبيةِ لإخوانهِ الفُضَلاءِ أرْبَابِ المنبَرِ الحُسينيِ في القطيفِ، ولأبنائهِ الكِرَام، وَسَائرِ أفرَادِ الأسرةِ الكريمة.
فإنَّ رَحيلَهُ (طيّبَ اللهُ نفسَهُ) في هذهِ المرحلةِ الزمنيةِ يُعدُّ خسارةً كبيرةً ليسَ للقطيف فحسب، بلْ للعالمِ الشيعيِ كلِّهِ؛ لأنهُ كانَ يُجسِّدُ نموذجًَا فريدًا للتواضعِ والتقوى والوَرَعِ وعدمِ الافتتانِ بمظاهرِ الدُنيا وزَخَارِفهَا، ومِثالًا بَارِزًا للاهتمامِ بشؤونِ مجتمعهِ والمسارعةِ لسَدِّ ثغرَاتِ النقصِ والفراغِ التي يعاني منها، كما يكشفُ عن ذلكَ سَعيُهُ المَشكورُ لأجلِ تأسيس حوزةٍ علميةٍ نشطةٍ في منطقتهِ، واهتمامُهُ بنشرِ تراثِ عُلماءِ مَنطقةِ القَطيفِ المَغمُور، وتبنيهِ لعدةٍ من المشَاريعِ المُهمةِ التي حاولَ مِن خِلالهِا التَعريفَ بِعُلمَاءِ المنطقَةِ وشعرائِهَا، وَمَا الجيلُ العريضُ الآنَ مِن طلبةِ العُلومِ الحوزوية – بما فِيهم مِن العُلماءِ وَالفُضلاء والمحققين – إلا ثمرة من ثمراتِ صَرخاتهِ ومَساعيهِ الجهاديةِ في فترةِ التسعيناتِ الهِجريةِ، التي بذَلهَا في سَبيلِ تكوينِ وُجودٍ حوزويٍ وعلمائيٍ كبير.
وإلى جانبِ ذلكَ كُلِّهِ، فإنهُ كانَ صرحًا شامخًا مِن صروحِ الوَلاءِ العميقِ لمحمدٍ وآلِ محمدٍ (عليهم أفضلُ التحيةِ والسلام)، ويشهدُ لذلكَ منبرُهُ الوعظيُ المُؤثِر، وَشِعرُهُ الولائي، وَقلمُهُ الذي وظفَهُ لنشرِ معارِفِ مدرسةِ أهلِ البيتِ (عَليهمُ السَلامُ) الفقهيةِ والأخلاقيةِ وَالعقائديةِ.
ولا يسعنا – ونحنُ نعيشُ ألمَ مأساةِ رَحيلهِ إلى الملكُوتِ الأعلى – إلا أنْ نَرفعَ أكُفَ الضَرَاعةِ سائلينَ من اللهِ تَعالى لهُ عُلوَّ الدَرجةِ، ولذويهِ الصبرَ والسلوانَ، والسلامُ عليهِ يومَ وُلدَ ويومَ ماتَ ويومَ يُبعثُ حيًا.
ضياء السيد عدنان الخباز
قم المقدسة
الخميس 28 / 1 / 1431هـ