- الكتاب عبارة عن دراسة في أدلّة ولادة الإمام المهدي (ع)، مع دفعٍ للعديد من الشبهات المثارة حولها
- المادة الأساسية للكتاب ستّ محاضرات مهدوية لسماحة السيد الضياء، قرّرتها الكاتبة الموفّقة (مريم طلال صفر)
- طُبِعَ في شهر رمضان المبارك، عام 1441هـ
- الكتاب ثلاثة أقسام:
- مباحث تمهيدية
- الفصل الأول: الأدلّة العامّة
- الفصل الثاني: الأدلّة الخاصّة
- رابط تصفّح المقدّمة والفهرس
مقدّمة الكتاب:
ممّا يُؤسفُ له في زماننا البائس : أنَّ القضايا العقدية الضرورية والمعارف اليقينية المحورية قد أصبحت مرمى لسهام المشككين وغرضًا للمرتابين ، بدءًا بأصل الأصول ، ومرورًا بالنبوة الخاتمة والإمامة الإلهية ، وانتهاءً بالمعاد وتفاصيله ، وكلُّ ذلك في ظلّ دعواتٍ ودعاوى مريبةٍ ومغلفةٍ بعناوين برّاقة وزائفة ، كدعوى ( حريّة الفكر ) و ( الشك قنطرةُ اليقين ) و ( لا للخطوط الحمراء ) .
وإحدى تلكم القضايا هي : قضية ولادة إمام العصر والزمان الحجة بن الحسن المهدي ( أرواحُ مَن سواهُ فداه ) ووجوده الشريف ، فقد طالها ما طالها من ذوي الشك والارتياب ، وأثاروا حولها – ولا زالوا – العديد من الشبهات والإثارات ، رغم كونها ضرورة مذهبية يدركها صغار الشيعة فضلًا عن كبارهم ، وعوامّهم فضلًا عن علمائهم وخواصهم ، بل لعلّك لو سألتَ أيّ شخص غير شيعي عمّا يعرفه عن الشيعة فإنه لن يعدو هذه القضية .
وكلُّ ذلك ليس بجديد على أحدٍ من شيعة أهل البيت ( ، إلا أنَّ الجديد الذي تنبهتُ له بعد المزيد من المتابعة – ولعلّه لدى القارئ العزيز ليس كذلك – هو أنَّ حِلْفَ التشكيك ليس لديهم جديد .
وإن سألتني – وحقَّ لك أن تسأل – إذًا فما كلُّ هذا الصخب الذي سوَّد به بعضُ خفافيشهم صفحاته الفيسبوكية ؟ وما كلُّ هذا الضجيج الذي ملأَ بهِ بعضُهم قنواتهِ اليوتيوبية ، بأساليب تنبئ عن ثورةِ علمٍ وبراعةِ تحقيق ؟!
أجبتك : إنَّ كلَّ ذلك إنما هو من قبيل ما يُعبّر عنه في الأدبيات المعاصرة بمصطلح ( إعادة التدوير ) ، فكلُّ ما مرَّ عليك – قراءةً أو سماعًا – من حلفاء التشكيك هؤلاء – والذين يروق لهم أن يصفوا أنفسهم بالمجددين والمحققين – قد سبقهم إليه أعداءُ التشيع بسنواتٍ طويلة ، ولمّا لم تكن لهؤلاء أثرةٌ من علم أو مسكةٌ من دين تسابقوا لالتقاطه ، ثمَّ قاموا بإعادة تدويره .
وإن لم تصدقني فدونك – إن كانت لك قدمٌ راسخةٌ في العلم – كتب البرقعي والقفاري وأضرابهما ، ومواقع الإنترنت المتخصصة في نقد التشيّع ومنتديات خصومه الحوارية ، تابعها وطالعها لتدرك حقيقة ما أخبرتك به .
ويا لشناعةِ هذا الصنيع وقبحه ، أن يتجلبب هؤلاءِ جلبابَ التشيّع ، ويرتضعوا من محالب خصومه ، ثم يقلبون له ظهر المِجن ، وينشرون بين أتباعه أفكارهم اللقيطة تحت غطاء التجديد والتجديد و ( لا للخطوط الحمراء ) .
لقد قرأتُ وسمعتُ كثيرًا عن الخيانة وقبحها ، ولكنني لم أعرف أقبح وأشنع من خيانة الدين ، فتبًّا وبؤسًا وتعسًا للخائنين .
ومن وحيِ تلكم الشبهات والإثارات جاءت أبحاث هذا الكتاب لتظهر زيفها وتكشف عوارها ، وإلا فإنني ما كنتُ لأتناول بالبحث مثل هذه القضايا اليقينية الواضحة لولا ما ابتلي به التشيّع من إصرار بعض منتحليه على إعادة تدوير شبهات خصومه وبلورتها .
وقد كان المنبر الشريف – في شهر رمضان المبارك سنة ألف وأربعمائة وأربعين من الهجرة النبوية – فرصةً سانحةً للتواصل مع الجماهير الحسينية ، ودرء هذه الشبهات عن قلاع عقائدهم الحصينة ، فقابلوها باهتمامهم المعهود ، وعقولهم النيّرة ، وثقافتهم الواعية ، وكان من نتائج هذا الاهتمام ما تحمله – قارئي العزيز – بين يديك الكريمتين ، حيث تكفلت ابنتي المؤمنة ، الخفرة النجيبة ( مريم طلال آل صفر ) – وفقها الله تعالى لمراضيه ، وجنبها معاصيه – بتقريرها وتحريرها وتوثيقها ، وأبلت في ذلك بلاءً حسنًا ، وسعت سعيًا مشكورًا .
وقد تابعتُ عملها حرفًا حرفًا ، وصححتُ وأضفتُ وأوضحتُ ، داعيًا لها بأن يكون هذا العمل – بلطف صاحب الزمان ( أرواحنا فداه ) – باكورةَ مسيرةٍ حافلةٍ بالعطاء في ميادين العلم والعمل .
ولا يغيبنَّ عنك – أيها القارئ العزيز – أنَّ ما اشتملت عليه هذه الأبحاث ما هي إلا ( أضواء على الأدلة والشبهات ) ؛ إذ الهدف لم يكن هو الاستقصاء ، وتحقيق هذه المسألة من سائر جهاتها ، وتتبع كافة أدلتها ، ودفع جميع شبهاتها ، وإنما كانت إطلالة اقتضتها بعضُ الإثارات المعاصرة ، فكانت محدودة بحدودها .
وكلُّ الأمل والرجاء أن تحظى هذه البحوث بنظرةٍ كريمة من وليّ نعمتنا ، وسيدنا وإمامنا ، وقبلة آمالنا ، قطب دائرة عالم الإمكان ، وإمام العصر وسلطان الزمان ، الحجة بن الحسن المهدي ( أرواحُ جميعِ مَن سواه فداه ) .
وقد تمَّ الفراغ من تحرير هذه السطور ، وبلادنا القطيف معزولة عزلًا تامًا ، والناسُ حبيسةُ بيوتها ، والمساجدُ مغلقةٌ والحسينياتُ موصدة والأسواق معطلة ، بسبب الوباء الذي اجتاح البلاد والعباد – المسمّى بوباء ( كورونا ) – وإني لأرجو – بحق مَن دُوّنت هذه الأبحاث دفاعًا عن قضيته المقدّسة – أن يرفع الله تعالى هذا البلاء ، ويديم على عباده نعمة الأمن والعافية والرخاء ، إنه تعالى سميع الدعاء ، ومنتهى الرجاء .